بقدر هذه الحاجة واجب ، قال ابراهيم عليهالسلام : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١.
وأيضا العلماء الذين إليهم الرجوع فى أمر الدين والفتوى وجب عليهم طلب الجاه بقدر ما يكمل اغراضهم فى الدين.
وأما فى الدنيا فهو أن الانسان خلق محتاجا ، ولا يمكنه دفع حاجاته الضرورية إلا بالمال ولا يمكن حفظ ذلك المال إلا بالجاه ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فطلب (١) ذلك القدر من الجاه واجب.
ثم نقول : هذه الحاجة إما أن تكون جسمانية أو روحانية ، أما الجسمانية فهو ان المقدار المعين من الطعام والشراب والملبس والمسكن الّذي لو لم يحصل لوقع الإنسان إما فى الموت أو المرض ، فتحصيله واجب بالجاه والمال اللذين (٢) لا يمكن تحصيل ذلك القدر إلا بهما.
وأما الروحانية فهو ان طلب العلم ربما احتاج من مصالح المطعم والمشرب والملبس إلى أمور فوق القدر الاول ، فإذا كان ذلك العلم علما يجب عليه طلبه كان المال والجاه اللذان لا يمكن تحصيل ذلك العلم إلا بهما يكون واجب التحصيل.
المرتبة الثانية المال والجاه اللذان يكون تحصيلهما غير واجب لكنه يكون مندوبا إليه ، وذلك لأن القدر الّذي لا يمكن بقاء الحياة إلا به ولا يحصل ضروريات الدين إلا معه غير ، والقدر الّذي لا يمكن كمال هذه الافعال إلا به فهو غير ، فلما كان الأول من قسم الواجبات
__________________
(١) المخطوطة : فحفظ ، وفوق هذا اللفظ «فطلب»
(٢) أيضا : اللذان