وأصحاب ارسطو عارضوه فقالوا : إن كان هذا الوجه يدل على قولكم بأن كون الدماغ لينا والعصب قويا يمنع من تولده منه ، بل كون العصب قويا صلبا (٤١ مع كون القلب قويا صلبا يدل على كون العصب نابتا من القلب فسقط كلام جالينوس بالكلية.
فهذا خلاصة المناظرة الدائرة بين الفريقين فى أن منبت العصب هو الدماغ أو القلب.
النوع الثانى من الجواب عن شبهة جالينوس
أن نقول : سلمنا أن منبت العصب من الدماغ ، وسلمنا أن العصب آلة الحس والحركة ، لكن لم قلتم أنه يلزم من كون الدماغ معدنا لقوة الحس والحركة الإرادية.
فبيانه أنه لا يبعد أن يكون معدن الحس والحركة هو القلب وهو معدنه ، ثم أن الدماغ ينقل إلى القلب آلة ثانية منه ليستفيد بتلك الآلة قوة الحس والحركة من القلب ، وإذا كان هذا الاحتمال قائما سقط كلام جالينوس بالكلية.
أما الجواب عن الحجة الثانية فى نصرة قول جالينوس ، وهى التى لخصناها ، أن نقول لم لا يجوز أن يقال أن الروح القلبى يكون فى غاية الحرارة. فإذا كان بينه وبين الدماغ منفذ مفتوح وصل تبريد الدماغ إليه فاعتدل واستعد لقبول قوة الحس والحركة. فأما إذا افسد المنفذ انقطع أثر تبريد الدماغ ، فلا جرم لم يبق مستعدا لقبول قوة الحس والحركة. فبطلت هذه القوة من الجانب الّذي يلى القلب ، وإنما لم يبطل من الجانب الّذي يلى الدماغ ، لأن الشرائين فى الدماغ