فربما نسب إلى الرياء والنفاق وذموه ، ولم يقتدوا به ، فهاهنا لم يجز له الاظهار.
الثالث أن يراقب (١٠ قلبه ربما كان فيه حب الرياء الخفى ، فيدعوه إلى الاظهار بعذر الاقتداء ، وهذه مزلة قدم ، فان الضعفاء يتشبهون بالاقوياء فى الاظهار ، فلا يقوى قلوبهم على الإخلاص ، فيحبط أجورهم بالرياء.
وعلامة الفرق فى هذا الباب
(الورقة ٢٩٤ ظ) انه إذا قيل له «اخف عملك» (١١ ، فإن مقصود الاقتداء حصل باظهار غيرك ، فإن لم يجد فى قلبه تفاوتا فحينئذ ظهر ان الاظهار كان لرغبة الاقتداء ، فلما حصل هذا الغرض بطريق آخر استغنى هو عن الاظهار ، وإن وجد تفاوتا فحينئذ نعرف أن الداعى إلى الإظهار هو الرياء.
القسم الثانى : أن يتحدث بما فعله بعد الفراغ (١٢ ، وحكمه حكم اظهار العمل نفسه ، إلا أن الخطر فى هذا أشد ، لأن مئونة النطق خفيفة على اللسان ، فعند الحكاية قد يريد فيها شيئا لغرض يظن به النفس ، ويحصل هاهنا معنى الرياء الكذب ، إلا أن هذا القول من الأول من وجه آخر ، لأن هاهنا تمت العبادة منفكة عن الرياء ، والرياء إنما حصل بعد تمامها ، أما فى الأول فصارت داعية الرياء حال الاتيان بالفعل ، وهذا المنع من حصول تلك الأعمال فى نفسها يوصف كونها عبادة.