بتلك الذات المخصوصة حال الذهول عن تلك السلوب.
ولأنا قد دللنا على أن بتقدير كون النفس جسما مخصوصا كان الجسم جزأ من أجزاء الماهية ، وعلى هذا التقدير يمتنع شعوره بالنفس حال الذهول عن الجسم فظهر الفرق.
الحجة الرابعة على أن الإنسان ليس عبارة عن هذا الجسد ، أن نقول : هذا الجسد اجزاؤه واقعة فى التبدل ابدا ، والمشار إليه لكل أحد بقوله «أنا» باق (١) مستمرا.
أما المقدمة الأولى فجلية (٢) ، وذلك لأن جسد الإنسان جوهر رطب ، والحرارة إذا عملت فى الرطوبة اصعدت عنها البخارات ، وذلك يوجب انحلال بدن الإنسان ، ولهذا السبب احتاج بدن الإنسان إلى الغذاء ليقوم الغذاء ببدل ما يتحلل ، فثبت أن التحلل والذوبان دائم الحصول فى بدن الإنسان ، وأيضا فبدن الإنسان حال ما كان طفلا كان منا أو منين أو ثلاثة أمناء ، وحال صيرورته شابا قد يبلغ سبعين منا وأكثر ، وذلك يوجب كون أجزائه فى التبدل ، وأيضا الإنسان قد يكون سمينا فيصير هزيلا ، ثم يعود سمينا ، فالأجزاء قد تبدلت بالزيادة والنقصان. وأيضا فانا نشاهد ونحس كون هذه الأجزاء الجسدانية واقعة فى الانحلال بسبب العرق وسائر الرطوبات ، فثبت أن الجسد واقع أبدا فى الانحلال والذوبان.
وأما المقدمة الثانية : وهى أن المشار إليه لكل واحد بقوله «أنا» غير واقع فى التبدل ، والأمر فيه ظاهر ، لأنى أعلم بالضرورة أنى
__________________
(١) المخطوطة : باقيا
(٢) أيضا : مجلية