فصل (سابع)
الكلام فى الجاه
قد عرفت كل واحد من هذه الأحوال إنما تتكون عن اعتقاد حال بخيل (١) فهاهنا يكون كذلك ، أما الاعتقاد ، فهو أن الإنسان إذا اعتقد فى غيره انه إنما يبخل منه فى خصلة من الخصال الدينية تولد عن هذا الاعتقاد (الورقة ٢٨٣ ظ) حالة نفسانية مخصوصة ، وتولد عن تلك الحالة أعمال مخصوصة وهى القيام بخدمته والثناء عليه بلسانه وترك المنازعة والتعظيم والمفاتحة بالسلام ، وتسليم الصدر فى المحافل ، والجاه عبارة عن ذلك الاعتقاد الموجب تلك الحالة النفسانية المؤثرة فى هذه الأحوال الجسدانية.
السبب الموجب لحب الجاه
كما أن ملك (١ الذهب والفضة يفيد القدرة على تحصيل الاغراض فكذلك ملك الارواح يفيد القدرة على تحصيل الاغراض ، إلا أن الجاه (٢ احب من المال عند ذوى الهمم العلية ، فإن لملك القلوب ترجيحا (٢) على ملك الأموال من ثلاثة أوجه :
أحدها أن التوصل بالجاه إلى المال أيسر من التوصل بالمال إلى الجاه ، فالعالم أو الزاهد الّذي له جاه فى القلوب لو (٣) قصد اكتساب المالى تيسر له ذلك ، فإن قلت الإنسان متى صار ملكا للغير صار ما له ملكا لذلك الغير ـ أما الرجل الخسيس الّذي لا يتصف بصفة كمال إذا
__________________
(١) المخطوطة : حال وبخيل
(٢) أيضا : ترجيح
(٣) أيضا : او