الشيء المشار إليه بأنه هو الإنسان المخصوص لا يموت عند موت البدن بل يرد من هذا الجسد إلى عالم القدس وحضرة الجلال.
وأما لفظ الرجوع إلى الله عند الموت فهو فى القرآن كثير جدا ، وكل ذلك يدل على أن الشيء الّذي هو الإنسان فى الحقيقة لا يموت عند موت البدن بل يرجع من دار الدنيا وعالم الحس إلى عالم الآخرة ، وكل ذلك يدل على أن الإنسان شيء مغاير لهذا الجسد.
الحجة الثالثة أنه تعالى ذكر مراتب الحلقة الجسمانية فقال : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) (٧.
ولا نشك أن هذه المراتب اختلافات واقعة فى الأحوال الجسمانية ،
ثم إنه تعالى لما أراد أن يذكر نفخ الروح قال : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٧ ، وهذا تصريح بأن ما يتعلق بنفخ الروح جنس أخر مغاير لما سبق من التغيرات الواقعة فى الأحوال الجسمانية.
وذلك يدل على أن الروح ليس من جنس البدن ، فإن قلت هذه الحجة (الورقة ٢٦٧ و) عليكم ، لأنه تعالى قال : (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (٧ ، وكلمة. من. للتبعيض ، وهذا يدل على أن الإنسان بعض من أبعاض الطين ، وأنتم تقولون أنه شيء غير ذلك ، فكان هذا تصريحا بنص الكتاب الكريم.
قلنا : هذا فى غاية البعد ، لأن كلمة «من» أصلها لابتداء الغاية ، تقول : خرجت من البصرة إلى الكوفة ، فقوله : (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ