أن يبادر إلى البذل والجود قبل أن يعارضه الشيطان بشبه يصده (١) عن ذلك ويعيقه عنه فإن هذا دأبه.
يحكى أن بعض المشايخ (٢ دخل إلى الخلاء نزع خاتمه أو بعض ثيابه وصاح بتلميذ له ، فأعطاه وأمره أن يهبه لشخص عينه ـ فقال له «ألا صبرت أن تخرج» ، قال : «خفت أن يتغير خاطرى عن ذلك أو يشح نفسى به ، فبادرت».
الثالث : أن البخل عبارة عن فرط عشق المال ، والعشق إذا تمكن فهو مرض شديد ، ومن أجود ادويته البعد عن المعشوق ، والرحيل عن بلد هو فيها فيمكن السلو عنه ، فكذلك المال يجب أن يبعد بالإنفاق ليزول عشقه عن القلب ، فيزول صفة البخل المذمومة.
الرابع أنه من لطائف الحيل فى هذا الباب أن يخدع نفسه بحسن الاسم والاشتهار فيما بين الناس بالجود والكرم ، فينتقل نفسه (٢) عن هذا المرض ويزول عنه ، وكذلك من يريد علاج البخل أن يشتغل بإنفاق المال كيف ما اتفق له ، وأن لا يقول ان هذا الإنفاق جائز ، وهذا غير جائز لأن المقصود إزالة عشق المال عن قلبه ، وذلك لا يحصل إلا بالافراط فى إهانته ، وتمييز بعض جهات الإنفاق عن بعض إعزازا لا إهانة.
ولذلك قالوا : إن البخيل لو رمى ما له فى البحر او أحرقه بالنار لكان خيرا (٣) من أن يمسكه ، وإذا حصل له خديعة نفسه باشتهار
__________________
(١) المخطوطة : يضده
(٢) أيضا : نفس
(٣) أيضا : خير