والبهجة (كان) حاصلا للإنسان وغير حاصل للملائكة المقربين ، ولا لسائر الحيوانات أصلا ، فلا يبعد أن يكون هو المراد من قوله : (أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ، ذلك الوجه الرابع.
فى بيان الحكمة فى تخليق القسم الرابع ـ وهو الإنسان.
فنقول : إنه (١) بتخليق الملائكة ظهر من القدرة ، وذلك لأن كمال قوتهم يدل على كمال قدرة خالقهم ، وكمال عصمتهم يدل على ذلك أيضا.
أما تخليق البشر فإنه يدل على كمال الجود والرحمة ، أما كمال الجود فلأنه لا مناسبة بين التراب وبين جلال رب الأرباب ـ ثم أن الحق برحمته التامة وجوده الكامل جعل التراب صفة الذرة الحاملة للأضواء الإلهية والأنوار الصمدية.
وأما كمال الرحمة فلأنه مع أنه مركب من الشهوة والغضب والأخلاق الذميمة أو دع قلبه نور العرفان وعلى لسانه ذكر التوحيد ، وجعل عينيه طريقا لرؤية دلائله وأذنيه محلا لسماع كلامه ـ فالملائكة (٢) بهم ظهر من القدرة والحكمة ، والبشر بهم ظهر الجود والرحمة.
التقسيم الثانى : أن نقول : الموجود إما أن يكون موجودا لا أول له ولا أخر له ، وهو الخالق تعالى وتقدس ، أو موجودا له أول وله آخر وهو الدنيا ، أو موجودا له أول ولا آخر له ، وهو الأرواح البشرية والدار الآخرة ، وأما الرابع وهو الّذي لا أول له وله آخر ، فهذا ممتنع فى الوجود لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه.
__________________
(١) المخطوطة : ان
(٢) أيضا : بالملائكة