(الفصل الخامس عشر)
الكلام فى الرياء وأحكامه
الرياء مشتق من الروية والسمعة (١ (مشتقة من السماع) وحده إظهار خصلة (٢ من الخصال التى يعتقد الحاضرون فيها انها من الخصال الفاضلة لغرض أن يعتقدوا فيه كونه موصوفا بتلك (الورقة ٢٩٠ و) الفضيلة مع كونه فى نفسه عاريا عنها.
اعلم أن هذه الحالة قد يقع فى أحوال الدنيا وقد يقع فى أحوال الدين.
أما الأول فكما إذا أتى الإنسان بأفعال وأقوال تدل على كونه كثير المال مع أنه لا يكون ذلك فى الحقيقة ، ومقصوده أن يعتقد فيه كثرة المال من يرى ذلك فضيلة.
وأما الثانى فكما يأتى بأفعال تدل على الزهد أو العبادة ليعتقد فيه ويكون هذا قصده ، ولا يكون كذلك فى الحقيقة ، فهذا الحد الّذي ذكرنا غاية فى الريا فى أمور الآخرة والدين والدنيا ، إلا أن القسم الثانى هو المشهور فى العرف ، وهو الرياء فى أمور الدين ـ وأما فى أمور الدنيا فذاك يسمى طلب الجاه والرفعة.
إذا عرفت هذا فنقول : لا بدّ من أركان ثلاثة :
الأول أنا نقول المرائى هو الّذي يأتى بتلك الأفعال على قصد التلبيس.
وثانيها القوم الذين يراد ترويج التلبيس عليهم وهم المراءى لهم.