ناراً) (٣
وهذه النصوص ناطقة بأن الشيء المشار إليه بأنه هو الإنسان باق بعد موت هذا البدن حي مدرك للألم واللذة.
وأما أن هذا الجسد المشار إليه ليس حيا بعد الموت فهذا معلوم بالضرورة ، ولو جوزنا كونه حيا لجاز مثله فى جميع الجمادات وذلك عين السفسطة.
وإذا لاحت المقدمتان علمنا أن المشار إليه بقولنا : «هذا الإنسان» ليس هو هذا البدن ، ولا عضوا من أعضاء البدن ، فإنا مضطرون إلى العلم بأن هذا البدن مات بجميع أجزائه وابعاضه.
وإنى لشديد التعجب من هؤلاء المنكرين لوجود النفس ، وذلك لأن تصديق القرآن والنصوص فى ثواب القبر وعقابه وفى الحشر والنشر تصير مقبولة معقولة بسبب إثبات النفس ويتخلص عن المطاعن والشبهات والإشكالات ، وإذا لم تثبت النفس توجهت الإشكالات وعظمت المطاعن مما الّذي حمل هؤلاء على إنكار النفس حتى وقعوا فى الظلمات الشديدة.
الحجة الثانية : قوله (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) (٤ ، وهذا صريح فى أن النفس شيء مغاير لهذا الجسد يتصل به تارة وينفصل به أخرى.
قال تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) (٥ ، وهذا يدل على أن النفس لا تموت بموت البدن ، بل يرجع من الجسد إلى عالم القدس والجلال.
وقال أيضا : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ. ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) (٦ ، وهذا يدل على أن