(الفصل التاسع عشر)
بيان الرخصة فى كتمان الذنوب
(١ اعلم أن الإنسان إذا اتى بشيء من المعاصى وجب عليه اخفاؤها ويدل عليه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) الآية (٢ ، وقوله عليهالسلام : من ارتكب شيئا من هذه القاذورات فليستر بستر الله (٣.
إنما الحرام (٤ أن يقصد سترها ايهام الناس كونه متورعا زاهدا ، واعلم أنه لا يجوز له أن يفرح بستر المعاصى لوجوه :
الأول أنه لما ستر الله (٥ عليه ذلك الذنب فى الدنيا ستر الله عليه فى الآخرة.
الثانى ان الدلائل التى ذكرناها تدل على ان الله سبحانه يحب ستر العيوب ويكره فضيحة المعيوب ، واحب (١) أن يتشبه بهذا الخلق بالحق سبحانه لقوله عليهالسلام : «تخلقوا باخلاق الله» (٦.
الثالث ان الناس إذا اطلعوا على عيوبه لعنوه وذموه (٧ واستحقروه ، وذلك يوجب تشويش قلبه وهو يمنعه من الاشغال بعبادة الله فهو سعى فى اخفاء عيوبه لئلا يصبر عن طاعة الله.
الرابع : الإنسان يحذر من اطلاع الغير على عيبه لأنه ربما عابه به ، وإذا عابه بذلك فإن طبعه (٨ يحمله على تبحث أحواله ، ويستخرج بعض عيوبه وبعيبه به لأن المكافات فى الطبيعة واجبة ، فهو حذرا عن
__________________
(١) المخطوطة : واجب