النكاح من الإنسان ، ولما لم يكن كذلك علمنا ان سعادة الإنسان غير متعلقة بهذه الأمور.
الحجة الثانية : كل شيء يكون سببا لحصول السعادة والكمال ، فكلما كان ذلك الشيء أكثر حصولا كانت السعادة والكمال أكثر حصولا ، فلو كان قضاء شهوة البطن والفرج سببا لكمال حال الإنسان وسعادته لكان الإنسان كلما أكثر اشتغالا بقضاء الشهوات البطنية والفرجية كان أكمل إنسانية وأعلى درجة ، لكن التالى باطل ، لأن الإنسان إذا أكل بقدر الحاجة ، فإن زاد على ذلك كان مضرا (٢ وعد عليه ذلك من الدناءة والنهمة ، وكذا (١) القول فى جميع اللذات البدنية ، وإذا كان الأمر كذلك ثبت أن الاشتغال بقضاء الشهوات ليس من السعادات والكمالات بل من دفع الحاجات.
الحجة الثالثة : أن الإنسان يشاركه فى لذة الأكل والشرب جميع الحيوانات ، (حتى) الخسيسة منها ـ فلو كانت هى السعادة والكمال لوجب أن لا يكون للإنسان فضيلة فى ذلك على الحيوانات ، فإن الجعل يلتذ بأكل السرجين كما يلتذ الإنسان بالسكر واشباهه.
وتقرير هذا أن نقول : لو كانت سعادة الإنسان متعلقة بهذه اللذات الحسية لوجب أن يكون الإنسان اخس الحيوانات ، والتالى معلوم الفساد بالضرورة ، فكذلك المقدم فليس وجه الملازمة.
فنقول : إن الحيوانات الحسيسة مشاركة للإنسان فى هذه اللذات
__________________
(١) المخطوطة : كذى