الفصل التاسع
فى نسبة هذه القوى إلى جوهر النفس
اعلم أن العلماء ذكروا فى هذا الباب أمثلة كثيرة :
المثال الأول (١ هو أن جوهر النفس كالملك والبدن مملكته ، ولهذا الملك جندان (٢ جند يرى الأبصار وهو الاعضاء الظاهرة ، وجند يرى بالبصائر وهى القوى المذكورة.
واعلم أن لوجود هذه القوى (الورقة ٢٧٤ و) المعنوية فى تكميل مصالح النفس وفى تكميل مصالح البدن (قوة) اخرى.
أما النوع الأول من المعنوية فهو أن كمال النفس الناطقة فى أن تعرف الحق لذاته والحيز لأجل العمل به ، لكن عمل الحيز مشروط أيضا بنور العرفان ، فاهم المهمات للنفس اكتساب العرفان ، إلا أنها خلقت فى مبدأ الأمر خالية عن معرفة أكثر الأشياء لكنها أعطيت الحواس الظاهرة والباطنة حتى أن النفس إذا أحست بواسطة هذه الحواس بالمحسوسات تنبهت لمشاركات بينها وبين مبانيات فتتميز (١) عند جوهر النفس عما به اشتراك تلك الاشياء (و) عما به امتيازها ، وحينئذ يحصل فى النفس تلك الصورة المجردة.
ثم أن تلك الصورة على قسمين : منها ما يكون مجرد تصوراتها موجبا جزم الذهن باسناد بعضها إلى بعض بالنفى والاثبات. ومنها ما لا يكون كذلك ، والأول هو البديهيات ، ولا بد من الاعتراف
__________________
(١) المخطوطة : فتتحيز