كمال ، والكمال محبوب ، ولهذا السبب كلما كان المادح اعلى (١) شأنا كان الالتذاذ بمدحه اكثر إلا أن الاستيلاء على الملك العظيم يقبل الاستيلاء على كل رعيته ولا ينعكس.
الثالث ان ذلك المدح يسمعه الحاضرون سيصل إلى الغائبين وعند ذلك يصير السامعون معتقدين فى فضيلته وجلالته ، فيصيرون منقادين له ، وذلك يوجب ان المدح اقرار بكونه افضل ، فيتضمن الاقرار يكون هذا القائل ناقصا واقرار الانسان بنقصان نفسه مكروه متعرض ، فثبت ان النافي للإقرار بفضيلة الغير قائم ، فاذا اقدم الانسان على هذا الإقرار دل ذلك على ان الموجب للاقرار بهذه الفضيلة قد بلغ مبلغا عظيما فى القوة حتى حصل مع قيام المنافى وتلك القوة لا تنفك عن احد أمرين ، لأن تلك الصفات الحميدة إما أن يقال انها بلغت فى القوة والظهور إلى حيث عجز هذا المادح عن انكاره ، أو يقال انها وان كانت مفقودة ، إلا ان هذا المادح بلغ فى الخوف من هذا الممدوح إلى حيث اقدم على هذا المدح مع قيام صادقين قويين ، وهما الاقرار بفضل الغير والاقدام على الكذب ، ومتى كان الامر كذلك استقر ذلك بغاية قدرة هذا الممدوح وقهره وغاية ضعف ذلك المادح وذلته ، والقدرة من صفات الكمال ، والكمال محبوب ، وهذا المدح مشعر بهذا الكمال فلا جرم كان محبوبا.
فهذه الاسباب الاربعة هى الموجبة لحب المدح والثناء ، فان اجتمعت بالكلية كان الالتذاذ اكثر فى الغاية القصوى (٢) وان حصل بعضها كان الالتذاذ بقدر ما حصل من هذه الاسباب.
__________________
(١) المخطوطة : اعلا