الضعف التفصيل بين العامّين من وجه ، فيجري فيهما قاعدة الجمع وبين مثل قوله أغتسل للجمعة ، وينبغي غسل الجمعة فلا تجري فيه ، بدعوى أنّ لازم الرجوع إلى الأخبار الأخذ بالأرجح وطرح المرجوح رأسا ، وهو موجب لترك العمل بالخبرين في مادتي الافتراق ؛ مع سلامتهما عن المانع ، والتفكيك إمّا بعيد ، أو خلاف ظاهر الأخبار ، وقد عرفت أنّه لا مانع من التفكيك ، ولا من الطرح رأسا بعد اقتضاء القاعدة ذلك ، مع أنّ المحذور المذكور جار في الثاني أيضا بالنسبة إلى القدر المشترك ، فلا وجه للفرق.
وأضعف من هذا التفصيل ما قيل من الفرق بين ما إذا كان ما يصرف إليه أحد الظاهرين على فرض التأويل متعينا ؛ بحيث صار ظاهرا فيه بعد صرفه عن ظاهره دون الآخر ، بأن كان ما يصرف إليه متعددا فيه ، وبين ما إذا كان متعينا فيهما ، أو متعددا فيهما ، فعلى الأول تجري قاعدة الجمع ، فيتعين الأول للتأويل ؛ وعلى الثانيين يرجع إلى الأخبار العلاجية ، إذ فيه أنّ مجرّد كون المعنى التأويلي في أحدهما متعينا لا يجدي ، إذ المدار على كون أحدهما قرينة على الآخر.
ودعوى أنّ نفس صدور الآخر قرينة على هذا التأويل كما ترى! إذ لعلّه يكون في غاية البعد عن اللفظ ، وإن كان متعينا على فرض الصدور والقرينة على إرادة خلاف الظاهر ، وإلا فيمكن أن يجعل صدور هذا الخبر قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الآخر ، وإن لم يعيّن المعنى التأويلي فيه ، بل حكم فيه بالإجمال ؛ هذا مع أنّك قد عرفت أنّ الشك في إرادة الظاهر في شيء منها ليس مسببا عن الشك في صدور الآخر ، لإمكان كون المؤوّل ذلك الآخر.
هذا ؛ ولبعض الأعلام تفصيل في المقام ، فإنّه فصّل في العامين من وجه ، بين ما إذا كانا متناقضين ومتنافيين بالنفي والإثبات ، كما إذا قال أكرم العلماء ولا تكرم الفساق فالحكم هو ما تقدم في المتباينين ؛ من عدم الجمع إلا أن يكون أحدهما أظهر ، وبين ما إذا كانا متضادين بأن كانا مثبتين أو منفيين ، كما إذا قال إذا ظاهرت فأعتق رقبة ، وقال إذا ظاهرت فأكرم مؤمنا ، فإنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، ولا تعارض بينهما في مادّة الاجتماع ، بل في مادة الافتراق ، فإنّ مقتضى إطلاق الأول