عن التصرف في مال الغير يشمل مثل التصرف في الأراضي الواسعة والصحاري المملوكة للغير أو المياه الجارية ، أو لا؟ كان منشأ الشك ورود أمر آخر في المقابل بالصلاة أو الوضوء مثلا لا حيثيّة الانصراف مع قطع النظر عن الأمر فإنّه من باب التعارض ، ولا بدّ فيه من الرجوع إلى قواعده ، فمع تقديم الأمر لأرجحيّة دليله مثلا لا يحكم بالحرمة ، ومع تقديم النهي يجيء مسألة جواز الاجتماع وعدمه.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ ما ذكروه في تلك المسألة من أنّه على القول بالمنع لا بدّ من الرجوع إلى قواعد التعارض لا وجه له ، إذ مورد تلك المسألة لا يرجع فيه إلى قواعد هذا الباب ، وما يرجع فيه إلى قواعده لا يكون من تلك المسألة ، [و] كذا لا وجه لما استشكله بعضهم من أنّ اطلاق حكمهم في باب التعارض بالرجوع إلى المرجحات في العامين وجهه : ولو كان أحدهما أمرا والآخر نهيا ينافي ما ذكروه في تلك المسألة من أنّه على القول بجواز الاجتماع يجمع (١) بينهما ، ولا حاجة إلى ما أجاب به بعضهم من أنّ مورد تلك المسألة ما إذا كان العام منطقيا ، ومورد هذا الباب ما إذا كان عامّا أصوليا ، بل لا وجه له لأنّ مورد هذا الباب أعم من العام المنطقي (٢) ، نعم مورد تلك المسألة خاص بالعام المنطقي ، إذ في العام الأصولي يلزم الاجتماع الآمري إذا كان العموم الأصولي من طرف الأمر.
ثانيها : باب التنزيل
فإنّه ليس من التعارض وإن كان موجبا للتخصيص في اللبّ مثلا إذا قال : لا صلاة إلا بالوضوء ، وقال أيضا : يجوز الصلاة بالتيمم ، يكون من التعارض ، ولكن إذا قال :
التيمم بمنزلة الوضوء أو ما يؤدي مؤدّاه ، ليس من التعارض وإن كان موجبا لرفع اليد عن العموم الأول في اللبّ والواقع ، وذلك لأنّ لسان التنزيل في الحقيقة لسان تقرير العموم ؛ غاية الأمر إنّه يجعل دائرته أوسع في عالم اللبّ ، بل وكذا إذا قلنا إنّه بجعل
__________________
(١) الجمع بين المعنونين في باب اجتماع الأمر والنهي من العناوين الخادعة ؛ فالمراد بأن يجمع بينهما أي يحقق كلّا منهما خارجا فلا اجتماع بينهما واقعا ولا يلزم من تحقق أحدهما امتناع تحقق الآخر ، وهذا مفاد جواز الاجتماع ، وعلى العكس القول بعدم الجواز أي أنّه يلزم من تحقق أحدهما عدم تحقق الآخر ولا يكون في الخارج إلا معنون لعنوان واحد.
(٢) في نسخة (ب) : أعم من العام الأصولي والمنطقي.