العمل ، وفي المقام ليس إلا شاملا لأحدهما بعد كون كل منهما صالحا للشموليّة من حيث هو.
والحاصل : أنّ المدّعى أنّ أهل العرف يفهمون من العمومات ـ بعد ملاحظة المناط ـ أنّ المراد في حال المعارضة هو خصوص الأرجح ، لأنّ المرجوح في نظرهم كالمعدوم ، وما ذكرنا إنّما يتم بناء على المختار من كون الأخبار معتبرة من باب الطريقيّة ، وأمّا على الموضوعيّة فلا يجري الترجيح بقوة المناط ، لعدم العلم به ، وإمّا بتعدد الدليل فيجري بناء على بعض صورها ، من كون تصديق العادل موضوعا من الموضوعات ؛ حيث إنّ الأمر إذا دار بين تصديق عادل أو عادلين فالثاني أولى كما إذا دار الأمر بين إنقاذ غريق أو غريقين ، ولا يجري على المختار من أنّ المراد منها وجوب العمل تعبدا ظاهريا.
ولذا لا يرجح الأصلان على أصل واحد ، وكذا بناء على كون مؤدى الخبر موضوعا من الموضوعات ، فإنّ المؤدى واحد ولو كان الدليل متعددا ، والمفروض أنّ المصلحة إنّما هي في المؤدى فلا ينفعه تعدد الدليل ؛ كما إذا كان أحد الواجبين المتزاحمين مستفادا من دليلين ، فإنّه لا اعتبار به ؛ بل المدار على تعدد عنوان الواجب ، ومع عدم الترجيح بأحد الوجهين ، أو البناء على عدم الاعتبار بهما فالأصل التساقط ، بمعنى عدم شمول الدليل ، أو التساقط المصطلح أي إسقاط كل منهما الآخر.
بيان ذلك : إنّه إن قلنا إنّ معنى الحجيّة وجوب العمل على طبقه (١) بمعنى جعل مؤدّاه حكما شرعيّا فاللازم التساقط بالمعنى الأول ، وذلك لما عرفت من عدم إمكان شمول الدليل للمتعارضين معا ، لا لما ذكره بعضهم من عدم إمكان الوجوب التعييني فيهما ، لما مرّ ، ولا للعلم بكذب أحدهما.
ولا يجب العمل بالخبر الكاذب واقعا ؛ لما مرّ من أنّ الملاك ليس هو الصدق ؛ بل واجديّة الشرائط ، وأنّ الكاذب الواقعي حجّة واقعا ، بل لما ذكرنا من استلزامه التناقض ؛ بعد فرض أنّ المجعول هو المؤدّى ، كما عرفت مفصلا ، وإرادة الوجوب
__________________
(١) تذكير الضمير هنا لرجوعه للخبر.