خبران ، مع أنّ (١) التحير أيضا غير مرتفع كما عرفت.
فإن قلت : لعل الموضوع من لم يختر وإذا اختار أحدهما يرتفع الموضوع.
قلت : هذا الاحتمال مدفوع بملاحظة أنّ تشخيص الموضوع في الاستصحاب بيد العرف ، إذ الموضوع عندهم في مثل المقام هو الشخص المتعارض عنده خبران وهذا واضح.
وعن العلّامة في النهاية (٢) الاستدلال على جواز الحكم في واقعة أخرى على طبق الخبر الآخر بأنّه ليس في العقل ما يدلّ على خلاف ذلك ، ولا يستبعد وقوعه كما لو تغير اجتهاده ، قال : إلا أن يدلّ دليل شرعي خارجي على عدم جوازه كما روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لأبي بكر : «لا تقض في الشيء الواحد بحكمين مختلفين».
قلت : وظاهر هذا الاستدلال كما ترى! ويمكن أن يوجه بأنّ نظره إلى إطلاق الأخبار ، وغرضه عدم الرادع عن الإطلاق ، ويمكن أن يكون نظره إلى أنّ العقل إذا لم يجد مانعا عن التخيير الاستمراري بعد التأمّل في جهات الحكم فيحكم به ؛ لأنّ بناء العقلاء على العمل بما لم يجد العقل مانعا عنه ، وإن احتمل كونه ممنوعا تعبدا ، يعني أنّ دليل حجيّة الخبر كاف بعد عدم مضايقة العقل عن العمل به بعد العمل بالخبر الآخر.
هذا ولكنّه على الأول يرجع (٣) إلى التمسك بإطلاق الأخبار ، وعلى الثاني غير تمام (٤) كما لا يخفى ، وعلى فرضه فلا فرق بين الحكم والفتوى بل الفتوى أولى بالاستمراريّة (٥) من الحكم كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما نقله من الخبر غير معتبر ، وعلى فرضه يمكن أن يكون المراد عدم الحكم في واقعة واحدة جزئيّة بحكمين مختلفين .. يعني بحيث يرجع إلى نقض الحكم الأول ، فتدبّر.
__________________
(١) سقطت من النسخة (ب) كلمة «أنّ».
(٢) حكاه عنه الميرزا الرشتي في بدائع الأفكار : ٤٢٦.
(٣) في نسخة (د) : راجع.
(٤) كذا في النسخ ؛ والأصح : تام.
(٥) في نسخة (ب) : بالاستمراري.