والجواب عنه : إنّما (١) يتم إذا كان نحو وجوب الواجب التعييني والتخييري واحدا ، وكان الإتيان بأحدهما مسقطا للتكليف عن الآخر ، فهو (٢) ليس كذلك بل نحو الوجوبين مختلف ، والواجب التخييري لا يقتضي أزيد من الإتيان بأحدهما من الأول فالشك في التعيين والتخيير راجع إلى الشك في نحو الوجوب ، والقدر المتيقّن منه ما لا يقتضي إلا اتيان أحدهما ، وتمام الكلام في محلّة.
وأمّا الصورة الثانية من الدوران في الحجيّة ؛ فمقتضى القاعدة فيها هو التعيين سواء قلنا بالاحتياط في المسألة السابقة أو لا ؛ وذلك لأنّ الشك حينئذ (٣) يرجع إلى الشك في أصل الحجيّة والأصل عدمها ، مثلا إذا فرضنا أنّ أدلة الحجيّة غير شاملة لصورة التعارض وأنّ مقتضى القاعدة التساقط ، ولكن علمنا من الإجماع أو غيره أنّ الشارع حكم بحجيّة أحدهما إمّا معيّنا أو مخيّرا فالقدر المتيقن (٤) أحدهما المعين والشك في الآخر راجع إلى أصل الحجيّة ، وكونه حجّة في صورة عدم المعارضة لا يثمر (٥) في حال المعارضة بعد عدم شمول الدليل ، ولعلّه إلى هذه الصورة ينظر الشيخ المحقق قدسسره حيث قال (٦) : إنّ الشك في الحجيّة الفعليّة كاف في الحكم بالعدم ولا يكفي الحجيّة الشأنيّة ؛ وهو كذلك ، فهو مثل ما إذا علمنا أنّ الشارع إمّا حكم بحجيّة خصوص الأخبار وعيّن الرجوع إليها في تعيين التكاليف الواقعيّة أو خير بينها وبين الشهرة والإجماع المنقول ، ومن المعلوم أنّه لا يجوز العمل بالإجماع والشهرة حينئذ فكذا المقام ، ومجرّد الحجيّة في بعض الأحوال لا يجدي في الفرق وهو واضح.
فهذه المسألة مثل المسألة السابقة في أنّه يؤخذ بالقدر المتيقن (من الأمر
__________________
(١) في نسخة (د) : إنّه إنّما ...
(٢) لا توجد كلمة «فهو» في نسخة (د).
(٣) في نسخة (ب) و (د) هكذا : لأنّ الشك فيها ...
(٤) جاء بعدها في نسخة (ب) : منها ...
(٥) لا توجد كلمة «لا يثمر» في النسخة (ب).
(٦) فرائد الأصول : ١ / ١٢٨ ، وفي العبارة تصرف ، لأنّ حق المطلب منها أن يقال : إنّ الشك في الحجية الإنشائيّة مساوق للقطع بعدم الحجية الفعليّة.