ثمّ لو علم موافقة أحد الخبرين لبعضهم ، وشكّ في موافقة الآخر لبعض آخر وعدمها ، فالظاهر الترجيح ـ بناء على التعدي ـ بل وكذا لو ظنّ موافقة أحدهما وشكّ في الآخر ، بل وكذا لو شكّ في موافقة أحدهما وعلم عدمها في الآخر ، والظاهر عدم الفرق في ذلك كلّه بين الوجهين ، ويمكن أن يستفاد بعض ذلك من قوله عليهالسلام «ائت فقيه البلد واستفته» (١) حيث إنّه يحتمل موافقة الخبر الآخر لفقيه بلد آخر.
فتحصّل : أنّ مخالفة الجميع أو الأكثر على وجه يكون القول الآخر ملحقا بالمعدوم ، أو البعض مع سكوت الباقين ، أو البعض مع مخالفة الباقين لكلا الخبرين أو الحكّام والقضاة في صورة موافقتهما لهم .. مرجّحة على الوجهين.
وأمّا مع موافقتهما وعدم مخالفة أحدهما لميل الحكّام والقضاة ، وكذا مع مخالفتهما لا ترجيح على الوجه الثاني ، وعلى الأول يرجّح أحدهما إذا اقترنت مع الآخر أمارة نوعيّة على التقيّة ، بناء على التعدي عن المنصوصات ، ويظهر من الفصول (٢) الترجيح على الوجه الثاني أيضا ، مع (٣) موافقتهما لهم إذا كان أحدهما موافقا لمن يكون أشدهم عنادا لأهل الحق ، فإنّ قوله أبعد عن الحق ، وأقرب إلى الباطل وهو مشكل.
بقي هنا شيء ؛ وهو أنّه إذا كان أحد الخبرين موافقا لهم في بعض مضمونه ، أو بعض فقراته دون البعض الآخر يرجح الآخر عليه ، بالنسبة إلى تمام مضمونه أو فقراته إذا كانت المعارضة بين الجميع ، بناء على الوجه الأول ، لأنّ التقيّة في بعض المضمون أو الفقرات كافية في الحمل عليها ؛ فتأمّل.
وعلى الوجه الثاني لا يرجح عليه إلا بالنسبة إلى ذلك المقدار ، لأنّ الترجيح على هذا الوجه مضموني يقتصر على مقدار المرجّح ، وأمّا إذا كانت المعارضة بين الخبر الآخر وبعض مضمون هذا الخبر فالبعض الآخر يعمل به ، ولو كان موافقا للعامّة ، فضلا عن عدم كونه كذلك.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا : ١ / ٢٧٥.
(٢) الفصول الغرويّة : ٤٢٧.
(٣) لا توجد كلمة «مع» في نسخة (د).