١ ـ أن يواري جثمانها المقدّس في غلس الليل البهيم.
٢ ـ أن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقّها فإنّهم أعداؤها وأعداء أبيها.
٣ ـ أن يعفي موضع قبرها ليكون رمزا لاستيائها على امتداد التاريخ.
٤ ـ أن يصنع لها نعشا يواري جثمانها المقدّس ؛ لأنّ الناس كانوا يضعون أمواتهم على سرير تبدو فيه الجثّة ، فكرهت ذلك ، وما أحبّت أن ينظر أحد إلى جثمانها.
وتعهّد الإمام لها بتنفيذ ذلك ، وانصرف عنها وهو غارق في البكاء ، قد استجاب لأحاسيس نفسه الولهى التي استوعبتها الهموم والآلام.
وفي اليوم الأخير من حياتها ظهرت عليها المسرّات ، فقد علمت أنّها ستلتحق بأبيها الذي كرهت الحياة من بعده ، وقد عمدت إلى ولديها السبطين فغسلتهما وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم ، وأمرتهما بالخروج لزيارة مرقد جدّهما ، وألقت عليهما نظرة الوداع الأخير ، وهي تذرف أحرّ الدموع وذاب قلبها من اللوعة والوجد عليهما.
وخرج الحسنان وقد هاما في تيارات مذهلة من الهواجس ، وأحسّا ببوادر مخيفة أغرقتهما بالأسى والشجون.
والتفتت وديعة النبي إلى أسماء بنت عميس ، وكانت هي التي تتولّى تمريضها وخدمتها فقالت لها :
« يا أمّاه ».
نعم ، يا حبيبة رسول الله.
« اسكبي لي غسلا ».