حكمه ، وقد صمّم وهو في الساعات الأخيرة من حياته على تقليد زميله عمر بن الخطّاب شئون الخلافة ؛ لأنّه هو الذي أقامه في منصبه.
ويقول المؤرّخون : أنّه لاقى معارضة كثيرة في ترشيحه لعمر خليفة من بعده ، فقد انبرى إليه طلحة بعنف قائلا :
ما ذا تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّا غليظا ، تفرق منه النفوس ، وتنفر منه القلوب .. (١).
ووجم أبو بكر فلم يجبه إلاّ أنّ طلحة كرّر عليه إنكاره قائلا :
يا خليفة رسول الله ، إنّا كنّا لا نتحمّل شراسته وأنت حيّ تأخذ على يديه ، فكيف يكون حالنا معه وأنت ميّت وهو الخليفة؟ .. (٢).
ولم يعن أبو بكر لإنكار طلحة ، ولم يقم له أي وزن ، كما أنّ أكثر المهاجرين اندفعوا إلى الانكار عليه قائلين :
نراك استخلفت علينا عمرا وقد عرفته وعلمت بوائقه فينا وأنت بين أظهرنا ، فكيف إذا ولّيت عنا ، وأنت لاق الله عزّ وجلّ فسألك فما أنت قائل؟ ..
فأجابهم أبو بكر :
لئن سألني الله لأقولنّ : استخلفت عليهم خيرهم في نفسي (٣).
ويذهب الكثيرون إلى أنّ الأجدر بأبي بكر أن يستجيب لعواطف وآراء الأكثرية من المسلمين ، فلا يولّي عليهم أحدا إلاّ بعد رضاهم وإجراء عملية انتخابية أو يستشير أهل الحلّ والعقد إلاّ أنّه استجاب لعواطفه المترعة بالولاء والحبّ لابن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٥٥.
(٢) المصدر السابق ٩ : ٣٤٣.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ١٩.