الخطّاب ، وقد طلب أبو بكر من بعض خواصه أن يخبره عن رأي المسلمين في ذلك فقال له :
ما يقول الناس في استخلافي عمر؟
كرهه قوم ورضيه آخرون ..
الذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه؟ ..
بل الذين كرهوه .. (١).
وإذا كانت الأكثرية الساحقة ناقمة على ولاية عمر من بعده ، فكيف فرضه عليهم ، ولم يمنح المسلمين الحرية في انتخاب من شاءوا لرئاسة الحكم.
ومهما يكن الأمر فإنّ عمر لازم أبا بكر في مرضه خوفا من التأثير عليه في العدول عن رأيه وكان يعزّز مقالته في انتخابه له قائلا :
أيّها الناس ، اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. (٢).
وطلب أبو بكر من عثمان بن عفّان أن يكتب للناس عهده في تولية عمر من بعده ، وجعل أبو بكر يملي عليه وهو يكتب ، وهذا نصّه :
هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة ، آخر عهده في الدنيا نازحا عنها ، وأوّل عهده بالآخرة داخلا فيها إنّي استخلفت عليكم عمر بن الخطّاب ، فإن تروه عدل فيكم فذلك ظنّي به ، ورجائي فيه ، وإن بدّل وغير فالخير أردت ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .. (٣).
ولم يقل أحد أنّ أبا بكر يهجر ، وما حالوا بينه وبين كتابته في النصّ على عمر ،
__________________
(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية ١ : ٤٩.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٥٢.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ١٩.