جعفر بن مكّي عمّا دار بين علي وعثمان : إنّ عليّا دحضه الأوّلان ـ يعني أبا بكر وعمر ـ وأسقطاه ، وكسرا ناموسه بين الناس فصار نسيا منسيا .. (١).
ويعزو الإمام عليهالسلام جميع ما لاقاه في حياته من النكبات والأزمات إلى عمر ، وذلك في حديث خاصّ له مع عبد الله بن عمر (٢).
وعلى أي حال فقد اعتزل الإمام عليهالسلام الناس اعتزالا تامّا ، وانصرف إلى تفسير القرآن الكريم ، ولم يتّصل بأحد سوى الصفوة من أصحابه أمثال الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر ، والثائر على الحكم الأموي أبو ذرّ ، وسلمان الفارسي وغيرهم من خيار أصحاب الرسول.
وكان عمر يرجع إلى الإمام في المسائل الفقهية ؛ لأنّ بضاعته كانت قليلة فيها ، وقد شاع عنه قوله :
لو لا علي لهلك عمر .. (٣).
وقد نزلت في عمر نازلة فحار في التخلّص منها ، وعرض ذلك على أصحابه فقال لهم :
ما تقولون في هذا الأمر؟
فأجابوه : أنت المفزع والمنزع ...
فلم يرضه قولهم وتلا قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) (٤).
ثمّ قال لهم :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٩ : ٩٨.
(٢) المصدر السابق : ٥٤.
(٣) الغدير ٦ : ٨٣ ، وفيه عرض شامل لذلك.
(٤) الأحزاب : ٧٠.