وعمر ـ من صاحبه دقّ الله بينكما عطر منشم (١) .... ».
إنّ عبد الرحمن إنّما انتخب عثمان من أجل أطماعه السياسة راجيا أن يكون خليفة من بعده ، ووجّه الإمام خطابه للقرشيّين قائلا :
« ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ... ».
ولذع منطق الإمام ابن عوف فراح يهدّده قائلا :
يا عليّ ، لا تجعل على نفسك سبيلا ...
وغادر الإمام المظلوم قاعة الاجتماع وهو يقول :
« سيبلغ الكتاب أجله ... ».
والتاع عمّار فخاطب ابن عوف قائلا :
يا عبد الرحمن! أما والله! لقد تركته ، وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه كانوا يعدلون.
وذابت نفس المقداد أسى وحزنا وراح يقول :
تالله! ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم ، واعجبا لقريش ، لقد تركت رجلا ما أقول ولا أعلم أنّ أحدا أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أتقى منه ، أما لو أجد أعوانا ...
وقطع عليه عبد الرحمن كلامه ، وراح يحذّره من الفتنة قائلا :
__________________
(١) منشم : اسم امرأة بمكّة كانت عطّارة ، وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا من طيبها ، فإذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم فكان يقال : اشأم من عطر منشم ، جاء ذلك في صحاح الجوهري ٢٥ : ٢٠٤١. وقد استجاب الله دعاء الإمام فكانت بين عبد الرحمن وعثمان أشدّ المنافرة والخصومة ، وقد أوصى أن لا يصلّي عليه عثمان بعد موته.