كما ينبغي ذكر هذه النقطة وهي : أنّ القرآن استعمل مفردة (مُستضعَف) بمعنيين : الأول المظلومون في الأرض ، وهم المشمولون بألطاف الله ، كما جاء ذلك بالنسبة إلى مستضعفي بني اسرائيل حيث قال الله فيهم :
(وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ). (القصص / ٥)
والمعنى الثاني وهو المستعمل غالباً في القرآن المجيد : الضعفاء فكرياً بسبب جهلهم وتقليدهم الأعمى وتعصبهم ، فيتبعون الظلمة والقادة الضالين عشوائياً ، وهؤلاء هم الذين أشارت الآيات المذكورة في أول البحث إلى شجارهم مع المستكبرين في يوم القيامة وصرحت أنّهم يستحقون العذاب المضاعف كالمستكبرين : عذاباً لأجل أنّهم ضالون وعذاباً لاجل أنّهم ساهموا في تثبيت اسس حكومة الجبارين.
٢ ـ دور القادة والامراء في التأثير على الناس
لقد جاء في حديث للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «الناس بامرائهم أشبه منهم بآبائهم» (١).
إنّ هذا الشبه يمكن أن يكون من حيث إنّ فريقاً من الناس يتبعون الامراء ويقتدون بهم جهلاً وغفلة ويجعلون قلوبهم ودينهم رهناً لإشارات هؤلاء الامراء وايعازاتهم ، ولهذا اشتهر الحديث «الناس على دين ملوكهم».
إنّ هؤلاء الامراء في رأي بعض الناس أبطال وقدوات نموذجية واسوات حسنة وأرفع شأناً من أن يُنتقدوا ، وقد يقلّد البعض أنفسهم مناصب مقدسة فيغرروا ببعض الجهلة والعوام ، ويجعلوا حجاباً أمام أفكارهم وعقولهم.
ومن المتعارف أنّ هناك فريقاً يعتبر «القدرة» دليلاً على «الحقانية» ، ويعتبر المنتصر هو المحق فرداً كان أو جماعة ، وهذا الاسلوب من التفكير جعلهم فريسة للكثير من الأخطاء
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٤٦ كتاب الروضة كلمات علي عليهالسلام ، ح ٥٧.