ما ذا عطف قوله : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ)؟ ولم كرّر الابتلاء بعد أن ذكره في قوله : (لِيَبْتَلِيَكُمْ)؟ ولم علّق الأول بالذات كلها ، والثاني بما في الصدور؟ وما الفرق بين قوله : ما في الصدور ، وبين قوله : ما في القلوب ، وخصّ ما في القلوب بالتمحيص؟ قيل : أما ما عطف الابتلاء فعلى قوله : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا) ، وفصل بينهما بما هو تسديد الكلام وإشباع للمعنى ، وهذا جائز ، وقد تقدم الكلام في نحوه ، ويجوز أن يتعلق بمضمر دلّ عليه ما تقدم من قوله : (الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ)(١) ، وأما تكريره وتعليق الأول بالذات ، والثاني بما في الصدور ، فإن لله تعالى تكليفين : الأحكام والمكارم كما تقدم ، والأحكام قبل المكارم ، وجلّها متعلّق بالضمائر ، وعمل الجوارح فيها قليل ، فحيث
__________________
(١) ذكر السمين الحلبي خمسة أوجه في قوله تعالى : وَلِيَبْتَلِيَ «أحدها : أنه متعلق بفعل قبله تقديره : فرض الله عليكم القتال ، ولم ينصركم يوم أحد ليبتلي ما في صدوركم. وقيل : بفعل بعده أي ليبتلي فعل هذه الأشياء.
وقيل : الواو زائدة ، واللام متعلقة بما قبلها. وقيل : (وليبتلي) عطف على (ليبتلي) الأولى ، وإنما كررت لطول الكلام ، فعطف عليه (وليمحص) قاله ابن بحر. وقيل : هو عطف على علة محذوفة تقديره : ليقضي الله أمره وليبتلي ...» الدر المصون (٣ / ٤٥٠ ، ٤٥١). وانظر : مشكل إعراب القرآن (١ / ١٧٨) ، والبحر المحيط (٣ / ٩٧).