السموات ، ولهذا قال تعالى في ذمّ الكفار حيث ثكلوا (١) هذه الفضيلة ، فقال : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ)(٢) وفي قوله : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً)(٣) تنبيه أنه قصد تعالى بخلق هذه الأشياء قصدا صحيحا (٤) ، وذلك ما قاله الحكماء أن القصد بخلق السموات والأرض إنّما هو الإنسان ، وإنّما خلق النبات والحيوانات قواما / له ، قال : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٥) ، والقصد بخلق الإنسان أن يستخلفه في الأرض ، فيقوم بحق الخلافة ، ويبلغ بها إلى أعظم السعادة في جواره ، وعلى ذلك قال تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٦) ، فلما تحقق المتفكرون ما لأجله خلقت السموات والأرض ، وعرفوا مآلهم سبّحوه ، واستعاذوا
__________________
(١) ثكلوا : أي فقدوا. انظر : القاموس ص (١٢٥٧).
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٥١.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٩١.
(٤) قال ابن كثير : «أي ما خلقت هذا الخلق عبثا ، بل بالحق ؛ لتجزي الذين أساؤوا بما عملوا ، وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى ...» تفسير ابن كثير (١ / ١٤٥) ، وانظر : جامع البيان (٧ / ٤٦٧).
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٩.
(٦) سورة ص ، الآية : ٢٧.