(أَنْ آمِنُوا) يعني أي آمنوا (١) ، أو بأن آمنوا (٢) ، إن قيل : فعلى أي وجه قال : (فَآمَنَّا؟) أعلى طريق الامتنان ، أو الإعلام. فإن كلّا مستشنع إيراده على الله تعالى؟ قيل : بل على طريق الامتثال ، وليس هذا إشارة إلى أنهم قالوه نطقا فقط ، بل إلى أنهم حققوه فعلا ، إن قيل : كيف جعل غفران الذنوب وتكفير السيئات قبل التوقّي؟ قيل : لأن تمام غفران الذنوب وتكفير السيئات أن يوفّق العبد في الدنيا لمرضاته ، ويحرسه عن تعاطي السيئات ، ليكتسب ما يترشح به لاستحقاق الثواب ، وقوله : (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ)(٣) نحو ما حكى عن غيره في قوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي
__________________
(١) وعلى هذا تكون (أن) تفسيرية لا محل لها من الإعراب. انظر : إملاء ما منّ به الرحمن ص (١٦٣) ، والبحر المحيط (٣ / ١٤٨) ، والدر المصون (٣ / ٥٣٦). ويصح أن تكون مصدرية في موضع نصب على حذف حرف الجر. انظر : الفتوحات الإلهية (١ / ٣٤٧).
(٢) وعلى هذا تكون (أن) مصدرية ، ومثلها : كتبت إليه أن أفعل. وقوله تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) [المؤمنون : ٢٧]. انظر : إعراب القرآن للنحاس (١ / ٤٢٦) ، وإملا ما منّ به الرحمن ص (١٦٣) ، ومغني اللبيب ص (٥٢٣) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٣١٧) ، والبحر المحيط (٣ / ١٤٨) ، والدر المصون (٣ / ٥٣٦).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٩٣.