اتقوا الله في الأرحام أو للأرحام؟ قيل : أجيب عن ذلك بأوجه :
الأول : أنّه لما كان يقال : اتق الله ، أي اتق عقوبة عصيانه ، واتق ذنبك ، أي عقوبة ذنبك ، قال ههنا : (اتَّقُوا اللهَ ،) أي اتقوا عقوبته على طريق الجملة ، ثم قال : والأرحام. أي عقوبته في قطع الأرحام ، وخصّها بالذكر تعظيما لأمرها ، وكأنّه قيل : اتقوا عقوبات الله عامة ، وعقوبته في قطع الأرحام خاصة ، وذلك لتعظيمه أمر الرحم (١).
والوجه الثاني : أن تقديره : اتقوا الله في الرّحم ، لكن حذف الجارّ ، وأقيم حرف العطف مقامه ، كقولهم : يدك والسكين. أي احفظ يدك من السكين (٢).
__________________
(١) وهذا قول ابن عباس والسدي وقتادة والحسن وعكرمة ومجاهد والضحاك والربيع وابن زيد والكافة واختاره ابن جرير والفراء والزجاج والنحّاس.
انظر : معاني القرآن للفراء (١ / ٢٥٢) ، وجامع البيان (٧ / ٥٢١ ، ٥٢٢) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٨٥٤) ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (٢ / ٦) ، واعراب القرآن للنحاس (١ / ٤٣١) ، والنكت والعيون (١ / ٤٤٧) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٤١) ، والبحر المحيط (٣ / ١٦٥).
(٢) المثال الذي ذكره المؤلف مشابه لأمثلة التحذير مثل : إياك والشرّ ، ورأسك والسيف ، وقد جعل النحاة هذه الأمثلة منصوبة بفعل محذوف على سبيل المفعوليّة ، ويقدّر لذلك فعل لائق مثل : احذر أو اتق أو باعد. انظر : الكتاب لسيبويه (١ / ٢٧٣) ، والنكت (١ / ٣٤٥) ، والتعليقة (١ / ١٨٠) ، والمساعد