فعل ذلك فهو كافر للنعمة ، ومن كفر نعمة الله فقد أعدّ له عذابا (١).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ)(٢) الآية. ذم في هذه الآية السرّف (٣) ، كما ذمّ في الأولى البخل ، فمن السرف أن يتشبّع الإنسان بإنفاقه ، فلا ينفقه على ما يجب ، وكما يجب (٤) فصار الإتيان كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(٥) وليس يعني بقوله : (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) جحود ذلك باللسان فقط ، بل عنى معه ترك ما تقتضيه هذه المعرفة ، تنبيها أن المنفق رياء لو كان له حقيقة إيمان لتذكر في تناول ما يتناوله ، ولأدّاه ذلك إلى أن يتفكّر أين يضعه (٦) ،
__________________
(١) قال ابن كثير : والكفر هو الستر والتغطية ، فالبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها ، فهو كافر لنعمة الله عليه. تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٧٠). وانظر : أنوار التنزيل (١ / ٢١٤).
(٢) سورة النساء ، الآية : ٣٨ ، ونصّها : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً).
(٣) السرف : تجاوز الحد في سائر الأفعال وغلب على الإنفاق. انظر عمدة الحفاظ (٢ / ٢٢١).
(٤) انظر : تفسير ابن كثير (١ / ٤٧٠) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢١٥) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٧٦).
(٥) سورة الفرقان ، الآية : ٦٧.
(٦) انظر : أنوار التنزيل (١ / ٢١٥) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٧٧).