فإن قيل : فأيّ تعلّق لقوله : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً)(١) قيل : هذا الكلام فيه إيجاز ، كأنه قيل : الذين ينفقون أموالهم رياء الناس زين لهم الشيطان الذين هم قرناؤهم (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً) كقوله تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ)(٢) ، وعلى ذلك قوله : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(٣) ولم يعن بالشيطان إبليس فقط ، بل عناه والهوى ، وكل ما دعاه إلى باطل ، وصرفه عن حقّ (٤) ، وقوله : (وَما ذا عَلَيْهِمْ)(٥) في قوله : (وَما ذا عَلَيْهِمْ) استدعاء لطيف إلى تحرّي الإيمان والإنفاق على ما يجب ، لأن لفظه استخبار يستدعي جوابا ، ولا يمكن جواب المستخبر عنه المشتبه إلا بعد التفكّر فيه ، والتفكّر فيما / ذكره تعالى يؤدّي إلى أن ليس على
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٣٨.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ٢٧.
(٣) سورة الزخرف ، الآية : ٣٦. وانظر : البحر المحيط (٣ / ٢٥٨ ، ٢٥٩) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢١٥) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٧٧).
(٤) قال البيضاوي : «والمراد : إبليس وأعوانه الداخلة والخارجة». أنوار التنزيل (١ / ٢١٥) ، وقال أبو حيان : «والشيطان هنا جنس لا يراد به إبليس وحده». البحر المحيط (٣ / ٢٥٩). وانظر : إرشاد العقل السليم (٢ / ١٧٧).
(٥) سورة النساء ، الآية : ٣٩ ، ونصّها : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً).