وطعن في الدين بألسنتهم ، أي لغتهم ، ولو عدلوا عن هذه الألفاظ إلى ما أمروا به لكان أنفع لهم ، ولكن لما كفروا لعنهم الله ، أي منعهم التوفيق (١) وشرح الصدر (٢) ، وقد تقدّم معنى اللعنة وتفسير قوله : (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً)(٣) ، وقوله : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) فيه قولان : الأول : أنه متعلّق بما تقدّم ، كأنه قال : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا فيكم ، فتكون من للجنس أو للتبيين ، وتكون للوقف على قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا ،) والثاني : أن تكون استئنافا على تقدير : من الذين هادوا فريق (٤) ، كقوله : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ
__________________
ـ خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل ، ويحفظ منه في عصرنا أمثلة» ، قال أبو حيان : «وهو يحكي عن يهود الأندلس ، وقد شاهدناهم وشاهدنا يهود ديار مصر على هذه الطريقة ، وكأنهم يربون أولادهم الصغار على ذلك ..» انظر : المحرر الوجيز (٤ / ١٣٩) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٧٥).
(١) انظر : جامع البيان (٢ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩).
(٢) انظر : جامع البيان (٨ / ٤٣٦ ، ٤٣٩) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٧٥) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٨٤).
(٣) انظر تفسير الراغب المخطوط لقوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٨٨] (ق ٧٥ ـ مخطوط).
(٤) انظر هذين القولين في : معاني القرآن للفرّاء (١ / ٢٧١) ، ومعاني القرآن للأخفش (١ / ٤٤٨) ، وجامع البيان (٨ / ٤٣٠ ، ٤٣١) ، ومعاني القرآن