أن يشرك به : أن يديم الإنسان الشرك ، فلا خلاف أن من لم يدم ذلك بل أقلع عنه بالتوبة على الوجه الذي يجب يغفر له. لكن اختلف في قوله (لِمَنْ يَشاءُ) لكونه مجملا ، فقال بعضهم : عنى به غير المشركين ، فكأنه قيل : يغفر ما دون ذلك لغير المشركين ، ففيه توعّد أن المشرك مأخوذ بكل ذنب مع الشرك بخلاف المؤمنين (١) ، الذين قال لهم : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ)(٢). ومنهم من قال : عنى به التائب (٣) بدلالة قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٤) ، وقول من قال : (لِمَنْ يَشاءُ) يقتضي ذلك ، أن فيما دون الكفر ما يغفر ، وهو الصغائر ، وفيه ما لا يغفر وهو الكبائر ، وإلا لم يكن لقوله : (لِمَنْ يَشاءُ) فائدة ، فليس بصحيح لأن قوله : (ما دُونَ ذلِكَ) عام للذنوب صغائرها وكبائرها ، والمغفور له هو
__________________
(١) قال الحافظ ابن كثير ، «ثم أخبر تعالى أنه لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به ، ويغفر ما دون ذلك أي من الذنوب لمن يشاء أي من عباده». تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٨٢). وانظر : جامع البيان (٨ / ٤٤٨) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٨٠).
(٢) سورة النساء ، الآية : ٣١.
(٣) وهو قول المعتزلة. انظر : الكشاف (١ / ٥١٩ ، ٥٢٠) ، والمحرر الوجيز (٤ / ١٤٤) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٤٢٥).
(٤) سورة الأعراف ، الآية : ٥٦.