( السابعة عشرة ) : لا بأس بأخذ الأجرة على الطبابة وإن كانت من الواجبات الكفائية ، لأنها كسائر الصنائع واجبة بالعرض [١] لانتظام معائش العباد. بل يجوز وإن وجبت عيناً لعدم من يقوم بها غيره. ويجوز اشتراط كون الدواء عليه
______________________________________________________
[١] الظاهر : أنه تعليل لكونها من الواجبات الكفائية ، لا لجواز أخذ الأجرة. نعم في النسخ التي رأيتها بدل قوله : « واجبة بالعرض » : « واجبة بالعوض » ، فيكون تعليلاً لجواز أخذ الأجرة. يعني : إنما جاز أخذ الأجرة عليها لأنها واجبة بالعوض لا مجاناً ، فقد أخذ في موضوع الوجوب العوض. لكن الظاهر أنه غلط ، لأنها واجبة بالعوض وبغير عوض ، وإلا لما كان فعلها مجاناً أداء للواجب.
ثمَّ إنك عرفت في مواضع من هذا الشرح التعرض لجواز أخذ الأجرة على الواجبات وعدمه ، وأنه لم يقم دليل على عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب ، وأن وجوب الشيء لا يمنع من أخذ الأجرة عليه. فالعمدة في عدم جواز أخذ الأجرة على الواجبات في بعض المقامات عينية وكفائية : هو الإجماع ولولاه لكان القول بجوازه في محله.
ويشهد لذلك جواز أخذ الأجرة على الواجبات الكفائية ، التي يتوقف عليها النظام ، إذ الوجوب لو كان مانعاً لم يفرق في منعه بين العيني والكفائي. وما في بعض الحواشي من الفرق بين الواجبات العينية والكفائية بأن الوجوب في الواجبات الكفائية عبارة عن الإلزام بعدم حبسها عمن يحتاج إليها ، فلا يكون مخرجاً لذات العمل عن ملك مالكه ، ويجوز أخذ الأجرة عليه. غير ظاهر ، إذ الحبس ترك العمل ، فعدم الحبس هو العمل. ولو أراد من الحبس معنى وجودياً ، فعدمه ليس مقدمة للنظام ، بل المقدمة هو العمل ضرورة.