وكيف كان عبارة عن دفع الإنسان [١] مالاً إلى غيره ليتجر به على أن يكون الربح بينهما ، لا أن يكون تمام الربح للمالك ، ولا أن يكون تمامه للعامل. وتوضيح ذلك [٢] : أن من دفع مالا إلى غيره للتجارة ( تارة ) : على أن يكون الربح بينهما ، وهي مضاربة ( وتارة ) : على أن يكون تمامه للعامل ، وهذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده [٣] ( وتارة ) : على أن يكون تمامه للمالك ، ويسمى عندهم باسم البضاعة ( وتارة ) : لا يشترطان شيئاً ، وعلى هذا أيضاً يكون تمام الربح للمالك ،
______________________________________________________
يظهر أن القراض قائم بين المالك والعامل ، والمضاربة قائمة بين العامل وغير المالك من الناس الذين يتجر معهم ، هذا بحسب الاشتقاق ، وأما في الاصطلاح فهي قائمة بين المالك والعامل ، وهما طرفا الإيجاب والقبول.
[١] لا يخفى أن المضاربة من الإنشاءات ، والدفع معنى خارجي ، فليست هي الدفع ، بل الدفع من مقتضياتها ، وانما هي المعاملة بين المالك والعامل على أن يتجر العامل بمال المالك ، ويكون له بعض ربحه. فتفسيرها بالدفع ـ كما ذكره في النافع والتذكرة والمسالك وغيرها ـ مبني على نحو من المساهلة.
[٢] هذا التوضيح ذكره في الشرائع ، وتبعه على ذلك في التذكرة والمسالك وغيرهما.
[٣] هذا القيد لم يتعرض له في الشرائع والتذكرة والمسالك. واشكاله ظاهر ، فان القرض تمليك المال بعوض في الذمة مثله أو قيمته ، وهو من العناوين الإيقاعية لا يتحقق إلا بالقصد ، فكيف يكون دفع المال إلى العامل على أن يكون له تمام الربح قرضاً من دون قصد؟! كما أشار إلى ذلك