الصحة شرعاً لا يعقل قصد تحققه إلا على وجه التشريع المعلوم عدمه [١]. وإن كان المراد تقيده بتحققها الإنشائي فهو حاصل. ومن هنا يظهر حال الأجرة أيضاً ، فإنها لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها ، إلا إذا كان المستأجر عالماً ببطلان الإجارة ومع ذلك دفعها إليه. نعم إذا كانت موجودة له أن يستردها. هذا وكذا في الإجارة على الأعمال ، إذا كانت باطلة يستحق العامل أجرة المثل لعمله ، دون المسماة إذا كان جاهلاً بالبطلان. وأما إذا كان عالماً فيكون هو المتبرع بعمله ، سواء كان بأمر من المستأجر أولا ، فيجب عليه رد الأجرة المسماة أو عوضها ، ولا يستحق أجرة المثل. وإذا كان المستأجر أيضاً عالماً فليس له مطالبة الأجرة مع تلفها ، ولو مع عدم العمل من المؤجر.
( مسألة ١٧ ) : يجوز إجارة المشاع ، كما يجوز بيعه وصلحه وهبته ، ولكن لا يجوز تسليمه إلا بإذن الشريك إذا كان مشتركا. نعم إذا كان المستأجر جاهلا بكونه مشتركا كان له خيار الفسخ للشركة ، وذلك كما إذا آجره داره فتبين أن
______________________________________________________
[١] هذا غير ظاهر ، بل المرتكز في ذهن المتعاملين في أمثال المقام قصد المعاملة الشرعية بالسبب الخاص ، فالتشريع يكون في السبب ، والدفع يكون مقيداً بملكية المدفوع اليه شرعاً ، وإن كان لأجل التشريع في سببها. هكذا الكلام في الأجرة وإجارة العامل ، فان الدفع في جميع ذلك إنما كان بعنوان استحقاق المدفوع اليه ، لا بعنوان كونه غير مستحق له ، بل مستحق للدافع والعامل ، والتبرع الخارج عن عموم الضمان مختص بالأخير لا غير.