______________________________________________________
للواقع ، بل الظاهر أنه لا كلام فيه ولا إشكال. فكيف يمكن جعل حكم الحاكم حجة حينئذ؟! وليس هو إلا كغيره من الحجج التي لا مجال للعمل بها مع العلم التفصيلي على خلافها ضرورة. وكذا مع العلم الإجمالي على خلافها على ما هو التحقيق عند المحققين من كونه منجزاً للواقع كالعلم التفصيلي. كما أنه يجب العمل به مع الشك والجهل بالواقع ، ولا فرق بين المتداعيين في ذلك وغيرهما ، لعموم قوله (ع) : « فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله سبحانه. » (١) ، الشامل للمتداعيين وغيرهما.
ومما يترتب على ذلك : أنه لو تمكن ذو الحق من المتداعيين من استنقاذ حقه من خصمه ، مع علمه بثبوت حقه ، جاز له ذلك وإن كان حكم الحاكم عليه لا له ، لعدم حجية الحكم عليه مع العلم ببطلانه ، وإن كان لا يجوز له المطالبة به والادعاء ، كما تقدم في الأمر الثاني من أن دليل نفوذ الحكم كما يدل على حجيته في ظرف الشك ، يدل على كونه فاصلاً للخصومة وحاسماً للنزاع. وترتب الأثر المذكور عليه ليس من باب الطريقية ، ليكون ملغياً مع العلم بالواقع ، بل من باب الموضوعية ، وإلا تعذر الفصل به غالباً ، لعلم كل من المتخاصمين بصحة دعواه نفياً أو إثباتاً ، فلو اختص بحال الشك لم يكن حاسما للنزاع مع العلم ، وهو خلاف المقطوع به من أدلة نفوذه.
نعم المذكور في كلام الأصحاب : أنه إذا كان حكم الحاكم مستندا إلى اليمين ، لم تجز لمن حكم عليه بالحق المقاصة من مال المحكوم له ، وإن علم بثبوت حقه. قال في الشرائع : « إذا حلف ـ يعني المدعى عليه ـ سقطت الدعوى. ولو ظفر المدعي بعد ذلك بمال الغريم لم تحل له المقاصة » : وفي المسالك : « هذا هو المشهور بين الأصحاب ، لا يظهر فيه مخالف » :
__________________
(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ١.