ودراسة الهياكل العظمية المكتشفة ، خاصة ما يتعلق منها بصحة ذلك الإنسان ، وما تعرّض له من أمراض ومعاناة صحية.
إن ظروف الإنسان القديم ـ إنسان ما قبل التاريخ ـ كانت شديدة الصعوبة ، وقد وجدت على الهياكل العظمية المكتشفة العديد من الإصابات مثل الكسور بالعظام الطويلة ، أو في العمود الفقري أو الحوض ، وإصابة الرأس بسهم أو بحربة ، كذلك تدل العظام التي يعثر عليها علماء النبشيات إلى تشوهات نتيجة الإصابة بالروماتيزم ، أو بسل العظام أو سرطان العظام ، كما يدل بعض العظام على الإصابة ببعض أمراض الدم الوراثية ، كما يكشف فك الإنسان عن وجود أسنان في حال سيئة ، دلالة على التهابات متكررة وخطيرة باللثة.
ويخبرنا علم الآثار كذلك ، أن الإنسان القديم كان يعرف كيف يعيد العظام المكسورة إلى وضعها الصحيح والمحافظة على استقامتها ، كما عرف التعامل مع الجروح والتخفيف عن مرضى التجأوا طلبا للمساعدة أو لتخفيف ألم حلّ بهم.
عاش إنسان ما قبل التاريخ في كهوف ومغاور اتقاء للبرد والمطر ، كما عاش في الغابات داخل أكواخ من الطين والأشجار. وكانت ميزة هذا الإنسان هي قدرته على التكيّف مع البيئة التي يعيش فيها ، وهذا ما جعله يستمر بالبقاء وبالتكاثر.
كانت حياة الإنسان القديم قصيرة ، بسبب الغذاء غير المتوازن وقلّة النظافة ، كان طعامه من النباتات العشبية ومن الصيد البري وصيد الأسماك وقطف الثمار ، وفي وقت لاحق عرف الزراعة وتربية الحيوانات ، واستخدم المعادن مستعينا بها على حياته ، ومن البديهي أن تعيش معه الطفيليات والبكتيريا ، معرّضة إياه للعديد من الأمراض ، ومع مرور الوقت ومعايشة الطبيعة بكلّ تفاصيلها ، تعلّم هذا الإنسان كيف يتغلب على الظروف القاسية.
إننا نتساءل كيف كان الإنسان القديم يطبّب نفسه؟
هل كان يستخدم الأدوية؟ وهل بالإمكان معرفة كيف تعامل مع الآلام والأمراض؟
أو هل بالإمكان معرفة متى بدأ الطب؟