وفي الصحيحين ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : «رأيت رسول الله (ص) يأكل القثّاء بالرّطب». وفي سنن أبي داود ، عن أنس ، قال : «كان رسول الله (ص) يفطر على رطبات قبل أن يصلّي ، فإن لم تكن رطبات : فتمرات ، فإن لم تكن تمرات : حسا حسوات من ماء».
طبع الرّطب المياه : حار رطب يقوّي المعدة الباردة ويوافقها ، ويزيد في الباه ، ويخصب البدن ، ويوافقه أصحاب الأمزجة الباردة ، ويغذو غذاء كثيرا.
وهو من أعظم الفاكهة موافقة لأهل المدينة وغيرها : من البلاد التي هو فاكهتهم فيها وأنفعها للبدن : وإن كان من لم يعتده يسرع التعفّن في جسده ، ويتولد عنه دم ليس بمحمود ، ويحدث في إكثاره منه صداع وسوداء ، ويؤذي أسنانه ، وإصلاحه بالسكنجبين ونحوه.
وفي فطر النبي (ص) من الصوم ، عليه أو على التمر أو الماء ، تدبير لطيف جدّا ، فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء : فلا تجد الكبد فيها ما تجذبه وترسله إلى القوى والأعضاء ، والحلو أسرع شيء وصولا إلى الكبد ، وأحبه إليها ولا سيما إن كان رطبا فيشتدّ قبولها له ، فتنتفع به هي والقوى. فإن لم يكن فالتمر :
لحلاوته وتغذيته. فإن لم يكن فحسوات الماء : تطفىء لهيب المعدة وحرارة الصوم ، فتنتبه بعده للطعام ، وتأخذه بشهوة.
رمّان :
قال تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ).
ويذكر عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا : «ما من رمان ، من رمانكم هذا ، إلّا وهو ملقّح بحبة من رمان الجنّة». والموقوف أشبه ، وذكر حرب وغيره ، عن علي ، أنه قال : «كلوا الرمّان بشحمه فإنه دباغ المعدة».
حلو الرمان حار رطب ، جيد للمعدة ، مقوّ لها بما فيه : من قبض لطيف ، نافع للحلق والصدر والرّئة ، جيد للسّعال ، وماؤه مليّن للبطن ، يغذو البدن غذاء