كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة ، وحيث (١) لم يردع عنه الشارع كان ماضيا.
وفيه أولا : منع استقرار بنائهم على ذلك (٢) ...
______________________________________________________
وأما الثانية ـ فبيانها : أن هذا البناء حجة شرعا ؛ لعدم ردع الشارع عنه ، وهذا المقدار كاف في الإمضاء.
وعليه : فمقتضى هذا الدليل حجية الاستصحاب مطلقا من باب الأصل لا الأمارة ؛ لأن اعتباره لأجل الظن بالبقاء هو مقتضى الوجه الثاني الآتي.
قال الشيخ الأنصاري في عداد أدلة اعتبار الاستصحاب مطلقا : «ومنها : بناء العقلاء على ذلك في جميع أمورهم كما ادعاه العلامة في النهاية وأكثر من تأخر عنه ، وزاد بعضهم : أنه لو لا ذلك لاختل نظام العالم ...» (١).
(١) هذا إشارة إلى وجه حجية بناء العقلاء ؛ إذ من المعلوم : عدم كون بنائهم بنفسه حجة ، وإنما يتوقف اعتباره على إمضاء الشارع ، وهذا الإمضاء قد يستكشف بالدليل اللفظي ، وقد يستكشف بعدم الردع بشرط إمكانه وعدم مانع عنه من تقية وغيرها في البين ، وضمير «عنه» راجع على بناء العقلاء.
(٢) أي : على العمل على طبق الحالة السابقة. ثم إن المصنف «قدسسره» أورد على التمسك ببناء العقلاء على اعتبار الاستصحاب بوجهين ؛ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٧ ، ص ٥٧» :
الأول : ما يرجع إلى منع المقدمة الأولى ، يعني : أن المقصود بالاستدلال بهذا البناء إثبات تعويلهم على الحالة السابقة تعبدا ، وكفاية نفس الوجود السابق بما هو متيقن لترتيب آثاره عليه في ظرف الشك ، مع أنه ممنوع ؛ إذ لا معنى للتعبد المحض في عمل العقلاء به ارتكازا ؛ بل لا بد من استناده إلى منشأ عقلائي وهو أحد أمور ثلاثة ، فقد يكون منشؤه الاحتياط كما إذا كان له ابن في بلد آخر ، وجرت عادة الأب على الإنفاق عليه وسدّ حاجاته المالية ، فإنه لو شك الوالد في حياة ابنه أرسل إليه الأموال رجاء واحتياطا حذرا من ابتلاء ابنه بضيق المعاش على تقدير بقائه حيا.
وقد يكون منشؤه الاطمئنان بالبقاء أو الظن به ، وذلك كالتاجر الذي يرسل البضائع إلى تاجر في بلد آخر ، فإنه وإن لم يتفحص عن بقائه كل مرة ، ولكنه مطمئن بحياته ، ولذا يرسلها إليه بحيث لو علم بموت جماعة من أهل ذلك البلد واحتمل كون وكيله
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٩٤.