وفيه (١) : منع اقتضاء مجرد الثبوت للظن بالبقاء فعلا (٢) ولا نوعا فإنه لا وجه له (٣) أصلا إلّا كون الغالب فيما ثبت أن يدوم مع إمكان أن لا يدوم ، وهو (٤) غير معلوم ، ولو سلم (٥) : فلا دليل على اعتباره بالخصوص مع نهوض الحجة على عدم اعتباره بالعموم.
______________________________________________________
في بقائه أيضا إلى المؤثر ؛ إذ وجه الحاجة إلى العلة المحدثة هو الإمكان ، وهو موجود بالنسبة إلى البقاء أيضا ؛ وذلك لعدم خروج الممكن بحدوثه ووجوده عن الإمكان الذاتي ، وإن صار واجبا بالغير. وحينئذ : لا يحصل الظن بالبقاء بمجرد الثبوت السابق بل البقاء يحتاج إلى مؤثر ، فلا يحصل الظن به إلا بالظن بوجود مؤثر في بقائه ، والمفروض : عدم الظن بوجود المؤثر بالنسبة إلى بقائه.
الوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «وهو غير معلوم» ، يعني : كون الغالب فيما ثبت أن يدوم غير معلوم ؛ إذ لم تثبت هذه الغلبة فيما شك في بقائه بعد العلم بحدوثه ؛ لأن ما ثبت جاز أن يدوم وأن لا يدوم ، فالحكم بالدوام مع احتمال عدم الدوام وتساوي الاحتمالين ليس إلا ترجيحا من غير مرجح وهو باطل عقلا. وهذا الوجه كالوجه الثالث الآتي راجع على إبطال الدعوى الثانية.
الوجه الثالث : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلم» وحاصله : أنه ـ بعد تسليم الغلبة المذكورة ـ لا دليل على اعتبارها ؛ بل نهض على عدم اعتبارها عموم الكتاب والسنة الناهية عن اتباع غير العلم ؛ كما تقدم في بيان الردع عن السيرة العقلائية.
(١) أي : الإشكال في هذا الوجه الثاني ، وقد تقدم إيراد المصنف بالوجوه الثلاثة على هذا الوجه الثاني ، فلا حاجة إلى التكرار.
(٢) أي : الظن الشخصي في قبال الظن النوعي.
(٣) أي : لا وجه لاقتضاء مجرد الثبوت للظن بالبقاء. وضمير «أنه» للشأن.
(٤) يعني : وكون الغالب فيما ثبت أن يدوم غير معلوم. وهذا إشارة إلى الوجه الثاني كما عرفت.
(٥) هذا إشارة إلى الوجه الثالث ، وضمير «اعتباره» راجع على الظن بالبقاء ، يعني : حيث لا دليل على حجية هذا الظن بالخصوص فهو باق تحت عموم الأدلة الناهية عن اتباع غير العلم.
وبالجملة : فالجواب الأول : ناظر إلى عدم تسليم الغلبة ، والثاني : إلى عدم اعتبارها بعد تسليمها ؛ لعدم دليل على اعتبارها ، والثالث : إلى الدليل العام على اعتبار هذه الغلبة ؛