وأنه (١) «عليهالسلام» بصدد بيان ما هو علّة الجزاء المستفاد (٢) من قوله «عليهالسلام» : «لا» في جواب «فإن حرك في جنبه ...» إلى آخره ، وهو (٣) اندراج اليقين والشك في مورد السؤال في القضية الكلية الارتكازية الغير المختصة بباب دون باب.
واحتمال (٤) أن يكون الجزاء هو قوله : «فإنه على يقين ...» إلى آخره غير
______________________________________________________
(١) معطوف على «النهي».
(٢) صفة ل «الجزاء» والجزاء المستفاد من قوله «عليهالسلام» : «لا» هو «لا يوجب الوضوء».
(٣) الضمير راجع على الموصول في «ما هو» يعني : أن علّة عدم وجوب الوضوء عند عروض الخفقة والخفقتين هو : أن الشك في مورد السؤال يندرج في القضية الارتكازية من البناء على ما كان وعدم نقض اليقين إلّا بمثله.
وبالجملة : فقوله «عليهالسلام» : «فإنه على يقين من وضوئه» علة للجزاء المحذوف ، وهو قوله : «فلا تجب إعادة الوضوء». والغرض من هذا التعليل هو : إدراج اليقين بالوضوء والشك فيه تحت القضية الكلية غير المختصة بباب دون باب.
وبيانه : أنه يعتبر في تعليل حكم بشيء أن تكون العلة المنصوصة قضية كلية مرتكزة في ذهن المخاطب ، ويكون الغرض من التعليل التنبيه على صغروية المعلل لعموم تلك العلة ؛ كما إذا قال الشارع : «لا تشرب الخمر فإنه مسكر» ، أو قال الطبيب للمريض : «لا تأكل الرمان فإنه حامض» ، فإن المفهوم من نحو هذا التعبير استناد النهي عن شرب الخمر وأكل الرمان إلى انطباق عنوان المسكر المفروغ حرمته وعنوان الحامض المضر بحال المريض عليهما ، وعليه : فالمناط في حسن التعليل كون العلة كبرى كلية ارتكازية ، والمعلل من صغرياتها.
وعلى هذا : فتعليل عدم وجوب إعادة الوضوء في الصحيحة بقوله «عليهالسلام» : «فإنه لا ينقض اليقين بالشك» تعليل بأمر مغروس في أذهان العقلاء ؛ لأجل أن اليقين بما أنه كاشف ذاتي عن الواقع مما ينبغي سلوكه ، والشك حيث إنه محض التحير والتردد لا يجوز البناء عليه ؛ لكونه محتمل الضرر ، وهذه الكبرى العقلائية المسلمة طبقها الإمام «عليهالسلام» على الاستصحاب وإن زال اليقين وتبدل بالشك.
(٤) هذا شروع في تقريب دلالة الصحيحة على اعتبار الاستصحاب وعموم حجيته لسائر الأبواب ، مع أن ظهورها الأوّلي بيان قاعدة الاستصحاب في باب الوضوء خاصة بعدم الاعتناء باحتمال وجود الناقض.