.................................................................................................
______________________________________________________
٥ ـ ردّ المصنف على الشيخ ـ ومن وافقه ـ القائل بالتفصيل بين الشك في المقتضي والشك في ـ الرافع حيث قال بحجية الاستصحاب في الثاني دون الأول.
واستدل الشيخ على اختصاص حجية الاستصحاب بالشك في الرافع تارة : بمادة «لا تنقض اليقين بالشك» ، وأخرى : بهيئته.
وأما الاستدلال بالمادة : فلأن معنى النقض الحقيقي هو رفع الهيئة الاتصالية الحسيّة الحاصلة في الأشياء وإبانة أجزائها كنقض الحبل والغزل.
ثم إذا تعذر حمله على المعنى الحقيقي : فلا بد من حمله على أقرب المجازات ، ومن المعلوم : أن الأقرب إلى المعنى الحقيقي هو رفع اليد عن الأمر الثابت الذي فيه اقتضاء البقاء في عمود الزمان ، ولازم ذلك : حجية الاستصحاب فيما إذا كان الشك من جهة الرافع بعد وجود المقتضي.
وأورد عليه المصنف «قدسسره» : بأن النقض الذي هو ضد الإبرام والإحكام إنما أسند إلى نفس اليقين ، الذي هو أمر مبرم وشيء مستحكم لكونه أقوى مراتب الإدراك ، فهو مما يعتقد ببقائه واستمراره ، بخلاف الظن فإنه لا يظن باستمراره ؛ بل يظن بزواله فيصح إسناد النقض إلى نفس اليقين من دون فرق بين الشك في المقتضي أو الرافع. ولازم ذلك : حجية الاستصحاب مطلقا.
٦ ـ وأما استدلال الشيخ بالهيئة على اختصاص حجية الاستصحاب بالشك في الرافع دون المقتضى : أن هيئة «لا تنقض اليقين» تقتضي تخصيص عموم اليقين بموارد الشك في الرافع بإرادة المتيقن من اليقين ، فتدل الرواية من حيث الهيئة على حجية الاستصحاب فيما إذا كان الشك في الرافع. والمصنف يمنع هذه الدلالة ؛ لأن النقض الحقيقي غير مراد قطعا ، سواء أريد باليقين نفسه كما هو ظاهر القضية ، أم المتيقن من باب المجاز في الكلمة ، أم آثار المتيقن ، أو تقدير آثاره.
وإذا ثبت عدم كون النقض حقيقيا على جميع التقادير : فلا محالة يراد به النقض من حيث العمل ، ومرجع هذا النقض حينئذ إلى عدم رفع اليد عن العمل السابق الواقع على طبق اليقين.
ثم الإبقاء من حيث العمل لا فرق فيه بين تعلق اليقين بما فيه اقتضاء البقاء ـ كما في الشك في الرافع ، وبين تعلقه بما ليس فيه ذلك ـ كما في الشك في المقتضي ـ لوضوح : صدق الإبقاء عملا في كلتا الصورتين على حدّ سواء في نظر العرف.