فصليت فرأيت فيه ، قال : تغسله ولا تعيد الصلاة قلت : لم ذلك (١)؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا.
قلت (٢) : فإني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك. قلت (٣): فهل علي إن شككت في أنه أصابه شيء أن انظر فيه؟ قال : لا ، ولكنك إنما تريد أن تذهب بالشك الذي وقع في نفسك. قلت : إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة ، قال : تنقض الصلاة وتعيد ، إذا شككت في موضع منه ثم رأيته (٤) ، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا ، قطعت الصلاة وغسلته ، ثم بنيت على الصلاة ، لأنك لا تدري لعله شيء أوقع عليك ، «فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك» (*).
وقد ظهر مما ذكرنا في الصحيحة الأولى (٥) : تقريب الاستدلال بقوله : «فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك» في كلا الموردين (٦) ، ولا نعيد.
______________________________________________________
(١) أي : لما ذا لا تجب إعادة الصلاة؟
(٢) إشارة إلى الفرع الرابع ، وقد عرفت حكمه.
(٣) هذا السؤال إشارة إلى الفرع الخامس الذي تقدم حكمه.
(٤) بحيث تعلم أن الذي رأيته في الصلاة هو ما شككت فيه قبلها.
(٥) أي : قد ظهر مما ذكرنا في الصحيحة الأولى : تقريب الاستدلال بالموردين من الصحيحة الثانية وهما ـ الفرع الثالث والسادس منها ـ على حجية الاستصحاب ، فكما أنه «عليهالسلام» في الصحيحة الأولى قد علل عدم وجوب الوضوء باندراج اليقين والشك في المورد تحت القضية الكلية المرتكزة في أذهان العقلاء الغير المختصة بباب دون باب ، وهو مما يكشف عن إمضاء تلك القضية الكلية ، فكذلك في الصحيحة الثانية قد علل عدم وجوب إعادة الصلاة في الفقرة الثالثة والسادسة باندراج اليقين والشك في المورد تحت القضية الكلية المرتكزة ، وهو مما يكشف عن إمضائه لها ورضائه بها.
(٦) والمورد الأول هو السؤال الثالث أعني : الظن بإصابة النجاسة ، والثاني هو السؤال السادس أعني : رؤية النجاسة في أثناء الصلاة واحتمال وقوعها في الأثناء ، ولأجل اشتمال الكلام في الموردين المزبورين على اللام الذي هو كالنص في التعليل يصير كالنص في تعليل الحكم بكبرى ارتكازية ، بخلاف التعليل في الصحيحة الأولى ، ولأنه لاشتماله على الفاء المحتمل كونه جزاء الشرط يخرج عن الظهور القوي في التعليل. هذا
__________________
(*) تهذيب الأحكام ١ : ٤٢٨ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ / ٦٤١.