والاحتجاج بترك التعلم فيما لم يعلم ؛ لا (١) بترك العمل فيما علم وجوبه ولو (٢) إجمالا ، فلا مجال (٣) للتوفيق (٤) بحمل هذه الأخبار على ما إذا علم إجمالا ، فافهم (٥).
ولا يخفى (٦) : اعتبار الفحص في التخيير العقلي ...
______________________________________________________
(١) هذا هو التوهم المزبور بقولنا : «بتقريب : أن مورد أخبار البراءة عدم العلم».
(٢) كلمة «لو» وصلية متعلقة بقوله : «علم وجوبه» يعني : ولو علم وجوبه إجمالا.
(٣) هذه نتيجة ظهور الآيات والروايات في كون الذم على ترك التعلم ، لا على ترك العمل بما علم حكمه ، والإشارة إلى التوهم المذكور.
(٤) بين إطلاق أدلة البراءة وبين الآيات والأخبار المشار إليها ، بحملها على ما إذا علم إجمالا بثبوت التكاليف بين المشتبهات ، وأخبار البراءة على الشبهات البدوية ، حتى تكون النسبة بينهما هي التباين ، لا الإطلاق والتقييد ، ولا يصح تقييد إطلاق أدلة البراءة بهما.
(٥) لعله إشارة إلى صحة الجمع بين الآيات والروايات ، وبين أدلة البراءة ؛ بتقييد إطلاق أدلة البراءة بهما ، لاعتبار الروايات سندا ودلالة.
أو إشارة إلى توهم آخر ودفعه.
أما التوهم فهو : أنه يمكن أن يكون التوبيخ على ترك التعلم بالنسبة إلى العناوين الخاصة من الواجبات والمحرمات المعلومة إجمالا. فلا يكون مورد التوبيخ الشبهة البدوية حتى يقيد به إطلاق أدلة البراءة ويثبت به وجوب الفحص ؛ بل مورده العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرمات.
وأما الدفع : فهو قوله : «لقوة ظهورها في أن المؤاخذة» ، وحاصله : قوة ظهور تلك الروايات ، بل صراحة بعضها في كون المؤاخذة على ترك التعلم لا ترك العمل فيما علم حكمه ولو إجمالا.
أو إشارة إلى غيرهما مما يتوهم في المقام.
فتحصل مما أفاده المصنف «قدسسره» : أن دليل اعتبار الفحص في جريان البراءة النقلية في الشبهات الحكمية هو تقييد إطلاق أدلتها بالآيات والأخبار الدالة على وجوب التعلم والمؤاخذة على تركه.
(٦) بعد أن فرغ عن بيان ما يعتبر في جريان الأصول الثلاثة وهي الاحتياط والبراءة العقلية والنقلية ، شرع في بيان ما يعتبر في جريان أصالة التخيير في دوران الأمر بين المحذورين.