تكن (١) شرطا لم تكن موضوعا لحكم ، مع أنه ليس بحكم (٢) ، ولا محيص (٣) في الاستصحاب عن كون المستصحب حكما أو موضوعا لحكم فإنه يقال (٤) : إن الطهارة وإن لم تكن شرطا فعلا (٥) ؛ إلا إنها غير منعزلة عن الشرطية رأسا ، بل هي
______________________________________________________
منعزلة عن الشرطية تماما حتى يمتنع جريان الاستصحاب فيها ؛ بل هي شرط واقعي اقتضائي أي : فيها مقتضى الشرطية ، والداعي إلى الالتزام بكون الطهارة الواقعية شرطا اقتضائيا هو الجمع بين ما دل على اعتبار الطهارة لظهوره في اعتبار الطهارة الواقعية خاصة ، وبين ما دل ـ كهذه الصحيحة ـ على صحة الصلاة مع فقدانها واقعا فيما إذا جرى فيها الاستصحاب ، فإن مقتضى الجمع بين هاتين الطائفتين هو حمل الطائفة الأولى على الشرطية الاقتضائية ، والثانية على الشرطية الفعلية. فالنتيجة هي : أن الطهارة شرط فتكون موضوعا ذا حكم ، فيجري فيها الاستصحاب.
وثانيهما : أنه لا يعتبر في جريان الاستصحاب أزيد من كونه دخيلا في الشرط ؛ وإن لم يكن المستصحب بنفسه شرطا كاستصحاب طهارة الماء الذي يتوضأ به ، وإباحة الساتر الذي يصلّى فيه ، فإن شرط الصلاة هو الوضوء والساتر ، وأما طهارة الماء وإباحة الساتر فهما قيدان لشرط الصلاة.
وعليه : فإذا فرض كون الشرط في المقام إحراز الطهارة تصير الطهارة قيدا للإحراز الذي هو الشرط ، وهذا المقدار يكفي في جريان الاستصحاب في الطهارة.
توضيح بعض العبارات : قوله : «حينئذ» أي : حين كون الشرط إحراز الطهارة لا نفسها.
(١) أي : إذا لم تكن الطهارة شرطا لم تكن موضوعا لحكم ، كما أنها ليست بحكم مع أنه يعتبر في المستصحب أن يكون حكما أو موضوعا ذا حكم ، فلا يجري الاستصحاب لانتفاء ما يعتبر فيه.
(٢) يعني : أن الطهارة ليست حكما شرعيا أيضا حتى يصح جريان الاستصحاب فيها بلحاظ نفسها ، فلا وجه لاستصحابها كما عرفت.
(٣) أي : والحال أن اللازم في التعبد الاستصحابي كون المستصحب حكما أو موضوعا له ، لأن ما يكون في حيطة تصرف الشارع بما هو شارع حكمه ببقاء الحكم الشرعي السابق أو بقاء موضوعه بلحاظ حكمه ، فدليل الاستصحاب قاصر عن إثبات ما ليس حكما أو موضوعا له ؛ لخروجه عن دائرة التعبد.
(٤) هذا جواب عن الإشكال ، وقد تقدم توضيح ذلك.
(٥) هذا إشارة إلى الجواب الأول ، كما أن قوله : «مع كفاية ...» الخ إشارة إلى الجواب الثاني.