.................................................................................................
______________________________________________________
بقوله «عليهالسلام» : «اليقين لا يدخل فيه الشك» هو اليقين بشعبان إن كان يوم الشك في أول رمضان ، فإن اليقين بشعبان أو بعدم دخول رمضان لا ينقض بالشك في دخول رمضان ؛ بل ينقض بالعلم بدخوله.
فالمستفاد منه : الحكم ببقاء شعبان عند الشك في دخول الشهر المبارك ، أو اليقين بشهر رمضان إن كان يوم الشك في آخره ، فإنه يبني على بقائه حتى يحصل العلم بدخول شوال.
وعلى كلا التقديرين : تدل المكاتبة على اعتبار الاستصحاب ، فلا يجوز الصوم بنيّة شهر رمضان إلّا بالعلم بدخول الشهر ، ويحرم الإفطار إلّا بالعلم بدخول شوال ؛ لأن الإمام «عليهالسلام» حدّد وجوب الصوم برؤية هلال رمضان ووجوب الإفطار برؤية هلال شوال بعد قوله : «اليقين لا يدخل فيه الشك» ، فإنه كبرى. وقوله «عليهالسلام» : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» صغرى ، والإمام فرّع الصغرى على الكبرى ، فهذا التفريع والتحديد لا يستقيم ؛ إلّا أن يراد من قوله : «اليقين لا يدخل فيه الشك» : أن اليقين السابق لا ينقض بالشك اللاحق ، ولا يكون اليقين السابق مدخولا به ، فيكون معنى الرواية : لا تصم فيما شككت في أنه أوّل رمضان ، استصحابا لليقين بعدم وجوبه ، ولا تفطر فيما إذا شككت في أنه آخر رمضان استصحابا لوجوب الصوم.
ثم لا يخفى : أن الاستدلال بهذه المكاتبة يكون مبنيا على أن يكون المراد من اليقين : هو اليقين بشهر شعبان ، وعدم دخول شهر رمضان ، فتكون المكاتبة حينئذ دليلا على الاستصحاب.
وأما إذا كان المراد من اليقين أنه يعتبر في صحة الصوم بعنوان شهر رمضان القطع بكونه شهر رمضان ، فلا ربط لها بالمقام ، ومع هذا الاحتمال الثاني تكون المكاتبة مجملة لا ظهور لها في واحد من الاحتمالين ، فقول الشيخ في الرسائل ـ حيث قال : «الإنصاف أن هذه الرواية أظهر ما في هذا الباب من أخبار الاستصحاب». «دروس في الرسائل ، ج ٤ ، ص ٣٩٠» ـ غير وجيه ؛ بل يؤكد الاحتمال الثاني بعض الآيات ، ومجموعة من الأخبار.
وأما الآية : فقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(١). وأما الأخبار التي تشرف الفقيه على القطع بلزوم إحراز رمضان فهي كثيرة ، ولكن نكتفي بذكر جملة منها :
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.