.................................................................................................
______________________________________________________
هذا مبني على أن تكون الغاية فيها وهي قوله «عليهالسلام» : «حتى تعلم ، وحتى تعرف» قيدا للموضوع لا قيدا للحكم.
٥ ـ قول الشيخ «قدسسره» في الرسائل ، وهو التفصيل بين حديث «الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر» ، فيكون ناظرا إلى الحكم الواقعي والاستصحاب ، وبين حديثين آخرين حديث «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» ، وحديث «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام» ، فيكونان ناظرين إلى خصوص القاعدة.
إذا عرفت هذه الأقوال والاحتمالات في الروايات الثلاث فيقال في تقريب الاستدلال بها على حجية الاستصحاب : إن كل واحد من هذه الأخبار مشتمل على أمرين : هما مغيّا وغاية. أما المغيّى ـ أعني : كل شيء طاهر مثلا ـ فيدل على أن الموضوع المحكوم عليه بالطهارة هو الشيء ، وهو عنوان مشير إلى الماهيات الخارجية كالماء والتراب والحنطة وغيرها ، وهذا العموم الأفرادي مدلول عليه بلفظ وضع للعموم ـ أي : كل ـ وحيث إن المراد بكل واحد من الذوات الخارجية عنوانها الأولي ، لا العنوان الثانوي ـ ككونه مشكوك الحكم ـ فالطهارة أو الحلية الثابتة له حكم واقعي لا ظاهري ، فالحنطة حلال واقعا والحديد طاهر كذلك ، وهكذا. هذا مدلول المغيّى. وأما الغاية المدلول عليها بكلمة حتى : فتدل على مجرد استمرار الطهارة الواقعية المذكورة في المغيّى إلى زمان حصول العلم بالنجاسة ، والغاية تدل على استمرار المحمول واقعا وانقطاعه بمجرد حصول الغاية فيما إذا لم تكن علما أو علميا ؛ كقوله : «الماء كله طاهر حتى يلاقي النجس» ، أو «المسافر يجب عليه التقصير إلى أن يدخل الترخص» ، أو «الوضوء واجب إلى أن يصير ضرريا» ، أو «الحنطة حلال إلى أن تصير مغصوبة» ، وغير ذلك مما ينقطع الحكم الأولي إما لتبدل الموضوع وإما لطروء عنوان ثانوي عليه.
وأما إذا كانت الغاية علما كالمقام تعيّن جعل ما قبلها حكما ظاهريا ؛ لئلا يلزم التصويب من دخل العلم في الحكم.
فطهارة الماء القليل واقعا تزول بمجرد ملاقاة النجس علم بها المكلف أم لا.
وعليه : فهذه الروايات تدل على أمرين :
أحدهما : أن الحكم الواقعي لكل شيء هو الحلية والطهارة إلّا ما خرج بالدليل كالخمر والخنزير.
ثانيهما : استمرار ذلك الحكم الواقعي ظاهرا ، وحيث دلت الغاية على استمرار المغيّى