إلى الاختيار (١) ، وهو (٢) كاف في صحة العقوبة ؛ بل (٣) مجرد تركهما كاف في صحتها وإن لم يكن (٤) مؤديا إلى المخالفة ، ...
______________________________________________________
(١) وهو ترك التعلم والفحص اختيارا حين التفاته إلى عدم خلو واقعة عن حكم ، وبهذا يجاب عن قبح العقاب على الواقع المجهول مع الغفلة ؛ لكونه حينئذ بلا اختيار.
وحاصل الجواب : أنه وإن كان فعلا لأجل الغفلة بدون الاختيار ، لكنه منته إلى الاختيار ، وقوله : «وإن كانت مغفولة حينها» إشارة إلى هذا.
(٢) يعني : والانتهاء إلى الاختيار كاف في صحة العقوبة عقلا.
(٣) هذا تعريض بما نسب إلى المشهور من عدم استحقاق العقوبة على نفس ترك التعلم ، وإضراب عن استحقاق العقوبة على الترك المؤدى إلى المخالفة ، ومحصله : ترتب استحقاقها على مجرد ترك التعلم والفحص وإن لم يؤدّ تركهما إلى مخالفة الواقع فيما إذا احتمل أن تركهما يؤدي إلى ذلك.
لكن العقاب حينئذ لا يكون على ترك الواجب النفسي وهو التعلم ، كما هو المنسوب إلى الأردبيلي وصاحب المدارك «قدّس سرهما» ؛ بل على التجري ، حيث إنه إذا احتمل حرمة العصير العنبي أو وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ومع ذلك ترك التعلم لقلة المبالاة بالدين ، وشرب العصير أو ترك الدعاء ، فإن نفس التجري على المولى يوجب عقلا استحقاق العقوبة وإن لم يخالف الواقع ، لعدم حرمة العصير وعدم وجوب الدعاء واقعا.
وعلى هذا : فالموجب لحسن العقوبة والمؤاخذة أمران : أحدهما : الانتهاء إلى الاختيار ، والآخر : التجري ، فالمصنف «قدسسره» قائل باستحقاق العقوبة على ترك التعلم مطلقا وإن لم يؤدّ إلى مخالفة الواقع.
وضمير «تركهما» راجع على التعلم والفحص ، وضمير «صحتها» راجع على «العقوبة».
(٤) يعني : وإن لم يكن ترك التعلم والفحص مؤديا إلى مخالفة الواقع ، كما إذا شرب التتن من غير فحص عن حكمه وتبين عدم حرمته واقعا ، فإن ترك التعلم حينئذ لم يؤدّ إلى مخالفة الحرمة ، إذ المفروض : عدم حرمة شربه واقعا.
وعليه : فليس المراد بأداء ترك التعلم إلى المخالفة كون الترك مقدمة للمخالفة ولا ملازما لها ، وإلا لم ينفك الترك عنها ؛ بل المراد ترتب المخالفة على الترك من باب التصادف ، ولذا عبّر المصنف «قدسسره» بالمؤدى ، فما في بعض الكلمات من التعبير